شکلت النوازل الفقهية مصدرًا هامًا لدراسة المجتمع في جميع مناحيه اليومية، إذ تٌرصد من خلالها أهم المظاهر التي عاشها الفرد، وکذا تنفتح عبر المعرفة التاريخية على قضايا المجتمع، علاوة على أن هذا الانفتاح والداعية إلى الرجوع إلى مثل هذه المصادر التاريخية، لتنم بکل وضوح عن تراجع وبطلان مقولة "انتفاء المنفعة التاريخية من المصادر الفقهية". ولئن کانت هذه الدراسة تتخذ من فتاوى ابن رشد الجد وابن الحاج التجيبي أرضية للبحث سواء في القضايا المتفقة عليها أو المتعارضة بينهما في العلاقة بين المجتمع والشرع والعرف، وتبرز من زاوية أخرى أهم المشاکل التي عرفها المجتمع الأندلسي، وکذا سبل إيجاد حلول لها وفق المذهب المالکي. ويکتسي الموضوع أهميته من طبيعة المقاربة الإحصائية اعتمادها مقارنة بين فتاوى ابن رشد الجد ونوازل ابن الحاج التجيبي، إنها أهمية تزيد أکثر عند التعرف على مکانة هذين الفقهين في مجال النوازل التي وردت عليهما سواء من الأمراء وحاشيتهما أي من الخاصة أو من عامة الناس، والهدف هو معرفة مدى تلاؤم المذهب المالکي وتطبيقاته مع تطلعات المجتمع، حيث تؤکد النوازل المستخرجة من النصوص النوازلية مدى حضورهم القوي دخل المجتمع عن طريق المناصب التي احتلوها. وکذا معرفة أهم العلائق التي تجمع بين الفقهاء والمجتمع من خلال النوازل الفقهية؛ إذ تحفل هذه الأخيرة بتفاصيل کثيرة وبمعلومات قيمة عن الحياة اليومية لعامة الناس. وحصيلة القول إن النوازل الفقهية تعتبر إحدى الأدوات المصدرية لدراسة مجتمع الغرب الإسلامي وغدت مادة لا يمکن الاستغناء عنها لأهمية ما فيها، بغية صياغة تاريخ أکثر عمقًا في بعض جوانبه المفقودة في الکتب الإخبارية.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
أنوزلا مجيد، "الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الأندلس من خلال فتاوى ابن رشد الجد (ت.520هـ) وابن الحاج التجيبي (ت. 529هـ): دراسة مقارنة إحصائية".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الخمسون؛ ديسمبر 2020. ص 81 – 91.