يتجلى الهدف من إنجاز هذا المقال في إبراز الدور الذي لعبته الجغرافيا الطبيعية لاسيما ثنائية السهل والجبل، في تفسير بعض الصراعات السياسية التي رافقت قيام بعض الدول وإندراس أخرى في الفترة الوسيطية ببلاد المغرب، على اعتبار أن هذه الثنائية الجغرافية شکلت عاملا من عوامل صمود دول وأفول أخرى نموذج السهول التي کانت مجالات قيام دولة المرابطين ومحل حواضرهم ومنها مراکش، لکونهم ألفوا الفيافي والبيداء المتسمة بالانبساط لما نزحوا من أعماق الصحراء الکبرى، بينما شکل الجبل حصنًا حصينًا للموحدين الذين انطلقوا في بناء دولتهم من أعالي الجبال بالأطلس الکبير جنوب مراکش، إلى جانب إبراز دور العصبية القبلية في تأجيج الصراع المرابطي الموحدي حيث کانت العصبية الصنهاجية وراء قيام وتوحيد الدولة المرابطية للمغرب في القرن (5 هـ/ 11م)، في حين ساعدت العصبية المصمودية ابن تومرت على جمع کلمة الموحدين ضد المرابطين، مما ساهم في إسقاط دولتهم وبناء الدولة الموحدية على أنقاضها. فيما يخص دواعي البحث وأهميته تتمثل في نظرنا فيما يقدمه من تفسيرات جديدة قد تبدو منطقية في غياب وثائق تاريخية توضح إلى حد ما أسباب هذا الصراع، على اعتبار أن ما تقدمه المصادر التاريخية من معلومات قيمة حول الصراع المرابطي الموحدي ومصير هذا الصراع وحتميته، فإن هذه المعطيات لوحدها تبقى غير کافية إذا لم يتم الانفتاح على باقي العلوم الإنسانية المساعدة کالجغرافيا وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم التي تقدم معطيات مساعدة يمکن أن تعيد قراءة الأحداث التاريخية برؤية متبصرة ومنهجية مقبولة في تفسير الحدث التاريخي. أما فيما يخص الدراسات التي تناولت الموضوع من هذه الزاوية أو قاربته من هذه النواحي لم نعثر على دراسة بهذا الشکل، على اعتبار أن أغلب الدراسات المصدرية وحتى المراجع التي قاربت موضوع المرابطين والموحدين، رکزت على الجانب العسکري والاجتماعي لقيام هذه الدول أو سقوطها ورصد بعض الجوانب الثقافية والسياسية للدولتين.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
الحسين حديدي، "دور الثنائية الجغرافية والقبلية في تأجيج الصراع المرابطي الموحدي ".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الخمسون؛ ديسمبر 2020. ص 71 – 80.