يرصد هذا المقال ملامح من التصورات المذهبية والفکرية التي ذاعت في شرق أفريقيا خلال "العصر الوسيط" لاسيما فيما يرتبط بکل من المذهبين الشافعي والإباضي اللّذين يُعتبران من أکثر المذاهب الدينية التي انتشرت في هذه المنطقة من القارة الأفريقية خلال تلک الفترة، وکذلک من خلال التنوع الفکري، وکذا التناقض المنهجي بين المذهبين، ما بين الغلو والشطط الفکري من جانبٍ، والاعتدال والوسطية من جانبٍ آخر. وشهدت تلک المنطقةُ قدوم العديد من الهجرات العربية والإسلامية، مُتنوعة المذاهب، والمشارب الفکرية، والدينية، وکذلک الإثنية منذ ظهور الدعوة الإسلامية في جزيرة العرب، ما بين مُهاجرين من العرب، والفرس، وکذلک الهنود، وغيرهم من الإثنيات الأخرى. ولعل هذا التنوع العرقي لهؤلاء المهاجرين المسلمين کان مما زاد من فکرة التنوع الفکري والمذهبي الذي ذاع في العديد من مناطق شرق أفريقيا بصفة عامة، ومن ثم کان أکثر تلک المذاهب انتشارًا بين المسلمين في هذه البلاد کلٌ من المذهب الإباضي، والمذهب الشافعي على وجه التحديد. ويحاول المقال رصد هذين المذهبين، وذيوعهما، وأثرهما الفکري في شرق أفريقيا، وکيف کانت العلاقة بين أتباعهما، وذلک باستخدام منهج البحث والتحليل التاريخي الذي يقومُ عبر نقد، وتحليل الروايات المصدرية، ومقاربتها بالروايات الأخرى. وقد أشارت هذه الدراسةُ إلى أن المذهب الشافعي کان الأکثر انتشارًا بين کل مذاهب أهل السنة في بلاد شرق أفريقيا جنوبي البحر الأحمر، وفي أکثر الممالک والإمارات الأفريقية الواقعة على المحيط الهندي بصفة عامة. کما أکدت الدراسةُ على أن أتباع المذهب الشافعي کانوا من أصحاب المناهج الدينية المعتدلة، وهم أصحاب المذهب الوسطي، وهم أصحاب منهج ومذهب معتدل بصفة عامة، وأن العديد من المصادر التاريخية أثنت عليهم، وعلى حسن دينهم، وصلاحهم، واحترامهم للآخر.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
إسماعيل حامد إسماعيل علي، "ملامحٌ من التَصوُراتِ المَذهَبية في شَرقِ أَفرِيقيا خلال العَصرِ الوَسيط: المذهبان الشافعي والإباضي أُنموذجًا".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الخمسون؛ ديسمبر 2020. ص 37 – 48.