تتناول هذه الدراسة عرض الواقع العسکري للمنطقة التاريخية الثالثة (القبائل) خلال المرحلة الأولى من الثورة التحريرية الجزائرية (1954- 1962)، هذه المنطقة التي شکلت بحکم موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتوسط بقية المناطق الأخرى وتنظيمها السياسي المحکم؛ المعقل الثاني للثورة الجزائرية بعد الأوراس، الأمر الذي جعلها تُحظى بأهمية ومکانة خاصة عند مناضلي وإطارات الحرکة الوطنية، منذ اعتماد خيار الکفاح المسلح کأسلوب للنضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي. وتأتي هذه الدراسة لغاية توضيح دور وأهمية منطقة القبائل ضمن استراتيجية تنفيذ الثورة الجزائرية وتحقيق أهدافها المعلنة من خلال مواثيقها الأساسية، وهذا على مستوى نطاق زمني محدد (1954- 1962)، وحيز جغرافي معلوم يشمل جزء هام من الشرق الجزائري، إذ سنحاول من خلالها تسليط الضوء على واقع المنطقة الثالثة على عهد المنظمة الخاصة 1947- 1950، وأهميتها البارزة في التحضير للعمل المسلح واستمراري ته إلى غاية انعقاد مؤتمر الصومام 1956، والإشادة من باب الموضوعية التي يقتضيها البحث التاريخي الأکاديمي الجاد بالأدوار الريادية المميزة التي بذلها القادة الأوائل بالمنطقة في تخطي مشاکل الثورة وصعوباتها (نقص المال والسلاح) أثناء مرحلتها الأولى وتعزيز فعاليتها فيما بعد الانطلاقة، بما يجعلنا نؤکد على حنکة ونجاعة المخططات التي سطرتها قيادة الثورة في المنطقة الثالثة بصفة خاصة والقيادة الثورية بصفة عامة في بعث وتعزيز وتيرة النشاط الثوري، وتحقيق انتصاراته بالمنطقة الثالثة من خلال عقد أبرز مؤتمر وطني للقيادة الثورية في صائفة 1956، وهو المؤتمر الذي جعل الثورة الجزائرية تدخل في مرحلة أخرى أکثر تنظيما وشمولية.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
الطاهر جبلي، سعاد يمينة شبوط، "الواقع العسکري للمنطقة الثالثة (القبائل) خلال المرحلة الأولى من الثورة الجزائرية (1954-1956)".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد التاسع والأربعون؛ سبتمبر 2020. ص 183 – 199.