کانت الحرب الفرنسية البروسية لعام 1870 – 1871 صِرَاعًا بين الإمبراطورية الفرنسية الثانية وولايات الاتحاد الألماني الشمالي بقيادة مملکة بروسيا. نَشَبَ النِّزَاعُ بسبب طموحات بروسيا لتوحيد ألمانيا ومخاوف فرنسا من نجاح بروسيا في ذلک وما يَتَّصِلُ به من تَغَيُّرِ في ميزان القوى الأوربي. في 16 يوليوز 1870 صَوَّتَ البرلمان الفرنسي لإعلان الحرب على بروسيا والدّويلات الألمانية حَلِيفَتِهَا، وبدأتِ الأعمال العدائية بعد ثلاثة أيام. بعد حَشْدِ قواته، غَزَا التّحالف البروسي الألماني شمال شرق فرنسا بشکل خاطف؛ کانت قواتُ التّحالف متفوقة من حيث العدد وحَادِقَةَ القيادة وعالية الکفاءة، واستفادت أکثر من التکنولوجيا الحديثة، لاسيما على مستوى السِّکَکِ الحديدية والمدفعية، ما مَکَّنَهَا من إحراز سلسلة من الانتصارات السّريعة في شرق فرنسا يبقى أهمها ذاک الذي حققته بتاريخ 1 شتنبر 1870 في معرکة سيدان التي أُسِرَ فيها نابليون الثالث بعد هزيمة ساحقة للجيش الفرنسي. في 4 شتنبر 1870 أَعْلَنَتْ حکومة الدّفاع الوطني قيام الجمهورية الفرنسية الثالثة، واستمرت الحرب لخمسة أشهر أخرى مُنيت خلالها القوات الفرنسية بهزائم جديدة في شمال فرنسا. في 18 يناير 1871 ومن قاعة المرايا بقصر ڤرساي أعلنتِ الدّويلات الألمانية عن اتحادها کإمبراطورية ألمانية يتَرَبَّعَ على عَرْشِهَا ملک بروسيا ﯕيوم الأول. وبعد حصارها لأربعة أشهر ونَيِّفٍ سقطت باريس بِيَدِ الألمان في 28 يناير 1871، عقب ذلک استولت فيها "کومونة باريس" على السّلطة لشهرين، وهي حکومة ثورية لم يَتَوَانَ الجيش الفرنسي النّظامي في قَمْعِها بشکل دموي أواخر مايو 1871. وفي 10 مايو 1871 حصلت ألمانيا بموجب معاهدة فرانکفورت على معظم الألزاس وأجزاء من اللّورين. غيّرت الحرب السّبعينية الخريطة السّياسية الأوربية التي رسمها ساسة أوربا في مؤتمر ڤيينا عام 1815؛ وهو ما أدّى إلى جانب تصميم فرنسا على استعادة الألزاس واللّورين والخوف من حرب فرنسية ألمانية جديدة إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى. کان للمؤرخ جول ميشليه Jules Michelet موقف واضح من الحرب السّبعينية، وهو ما سنقوم بتحليله في هذه الدّراسة التي اتبعتُ فيها المنهج التّاريخي مُعْتَمِدًا أَهَمَّ المصادر والمراجع في الموضوع.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
ياسين زينون، "الحرب الفرنسية الألـمانية (1870 -1871) من منظور جُولْ مِيشْلِيه".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الثامن والأربعون؛ مارس 2020. ص 187 – 201.