لا مناص أن غاية کل استعمار تتجلي في الاستفادة من خيرات المستعمرات، في کافة المراقي والتجليات منذ بداية هذه العملية الاستيطانية الکونية، ولم تکن إسبانيا بعيدة عن هذا المنحى في استعمارها لشمال المغرب، بل کانت تربو بشکل أساسي استنزاف ما اکتنزت المنطقة الخليفية من ثروات ظاهرية وباطنية، على الرغم أنها لم تکن تملک نفس الآليات والتقنيات والدراسات التي بلورتها فرنسا الجارة في الاستعمار المغربي، والتي استعمرت المنطقة السلطانية، واستنزفتها بصورة قوية، کما توضح الکتابات الفرنسية، والأطروحات المغربية، وبما أن إسبانيا لم تکن تمتلک نفس المقومات، فإنها لم تجن من هذا الاستعمار سوى الفتات. وقد ارتأينا الترکيز على منطقة جغرافية محددة هي منطقة اللوکوس، من أجل النفاذ إلى ميکانيزمات الاستغلال الاستعماري الإسباني في منطقة عرفت نسبيًا مقارنة بالمناطق الأخرى الجبلية والريفية بثرائها وخصبة أراضيها وبمواردها السمکية، والتي عملت الدولة الإسبانية على استنزافها بشکل مفرط أثر على موارد نهر اللوکوس في مراحل ما بعد الاستعمار. ومن أجل تسهيل هذا الهدف والمرام، فقد عملت إسبانيا على مد السکک الحديدة، وتجهيز الموانئ البحرية، وتوفير المعدات اللوجستيکية من أجل ضمان مستدام للعملية، غير أن قلة موارد الدولة الإسبانية، وأور العمليات العسکرية المشتعلة في المنطقة وقف حائلاً أمام إتمام العملية وفق المخطط المرصود لها من طرف ساسة مدريد الذين کانوا يطمعون في خيرات المنطقة من أجل الهاء الرأي العام الإسباني الذي کان في غالبيته ناقمًا على هذه الحماية الإسبانية على شمال المغرب.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
وليد موحن، "إسبانيا واستغلال الموارد الطبيعية في شمال المغرب بين الرغبة الاستعمارية وضعف موارد المنطقة الخليفية: منطقة اللوکوس نموذجًا (1912-1956)".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الثامن والأربعون؛ يونيو 2020. ص104 – 110.