شهدت الکتابات التاريخية التي تناولت تاريخ الأندلس طوال القرون الثمان (92-897ه/711-1492م) التي شغلها الوجود الإسلامي في بعض أجزاء شبه الجزيرة الأيبيرية، نشاطًا ملموسًا في الجانب البحثي، بيد أنَّهُ لا يزال الغموض يکتنف الکثير منها ولا سيما ما يتعلق بحدود أو امتداد الوجود الإسلامي في مناطق شبه الجزيرة الأيبيرية ولا سيما المناطق الشمالية من أسبانيا النصرانية وتحديدًا منطقة اشتوريس Asturias التي ظلت في حکم المجهول في الکتابات التاريخية الإسلامية بسبب قلة المعلومات التاريخية حول تلک المرحلة التأسيسية من عمر مملکة اشتوريس Asturias. إذ نالت هذهِ المنطقة شهرة واسعة في الکتابات التاريخية الإسبانية کونها المنطقة الأولى التي شهدت انطلاق أول حرکة مقاومة للوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية عُرفت بحرکة الاسترداد الإسبانية (الريکونيکيستا) Al Reconquista (98-897ه/ 717-1492م)، تزعمها القائد الثوري المدعو بلاي Pelay، الذي کان وما يزال محل قداسة واحترام من قبل الباحثين الأسبان، إذ کان لهُ دورٌ کبيرٌ في تأسيس هذهِ الحرکة التي أخذ قادتها على عاتقهم مهمة قومية کبرى تمثلت بمقارعة الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية، وإنهاءهِ من کامل التراب الأيبيري، علمًا أنّ هذهِ الحرکة مرت بأکثر من دور قبل أنّ تتبلور وتفرض نفسها، فأتسعَ نطاقها وتعززت أرکانها، واتخذت مخططات شاملة محکمة استطاعت من خلالها تحقيق نجاحات عسکرية کبرى مستغلة ضعف الکيان السياسي في الأندلس الإسلامية. ومن هنا انبثقت أهمية الموضوع کونه من المواضيع المختلف عليه عند جمهور الباحثين ولا سيما فيما يتعلق بتفسير مصطلح الاسترداد وتحديد سنوات انطلاقهِ، لذا جاءت هذهِ الدراسة لتکشف النقاب عن حقبة تاريخية مهمة استطعنا أن نحدد ماهية الاسترداد ومفهومهِ کونه حرکة وطنية کانت إسبانيا وما تزال تعظمها وتتغنى بها إلى يومنا هذا.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
قاسم عبد سعدون الحسيني، "حرکة الاسترداد الإسبانية الريکونيکيستا (Al reconquista): قراءة في المصطلح والمضمون".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد السابع والأربعون؛ مارس 2020. ص 71 –80.