تروم هذه الدراسة لإبراز الواقع الاقتصادي اليومي في الأندلس عصري الطوائف والمرابطين من خلال نوازل ابن الحاج التجيبي القرطبي. فمما لا مراء فيه أن علم الفقه يشکل أحد أبرز مکونات الحياة العلمية في تاريخ الحضارة الإسلامية، وذلک ما يتضح من خلال کتب التراجم الأندلسية والمغربية التي تزخر بأسماء مصنفات کثيرة في الفقه المالکي. ومعلوم أن کتب الفقه منجمًا غنيًا بالنسبة للمؤرخ، لأنها تزخر بمعطيات تهم الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية والثقافية للمجتمع الذي عايشه المفتي، فهذا الجنس المصدري أضحى اليوم من أهم مصادر المؤرخ لکتابة التاريخ الإسلامي، خاصةً في العصر الوسيط. ذلک أن کتب النوازل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والديني والثقافي والسياسي للمجتمعات الإسلامية، وباعتبارها أيضًا تعالج قضايا واقعية تعکس مواقف الفقهاء من مشاکل عصرهم. تم الاعتماد في هذه الدراسة على نوازل ابن الحاج التجيبي، فقد عرجت هذه النوازل على جملة من المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأندلس. وصورت لنا مشاغل الناس وهمومهم وعاداتهم في عصر ابن الحاج، وتبرز ما کان يعتمل داخل المجتمع الأندلسي من مخاض، خاصةً في فترة الانتقال من حکم الطوائف إلى المرابطين، ناهيک عما اعتراه من توترات وتعقيدات، وظواهر سوسيو-دينية وثقافية، وذلک ما تبينه نوازل ابن الحاج عصري الطوائف والمرابطين، رغم أن قراءة هذا النوع من المصادر ليس أمرًا هينًا، خاصةً أن مسائلها لا تکشف عن قيمتها بمجرد النظرة السريعة، فهي لم توضع أصلاً ليستعملها المؤرخ.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
هشام البقالي، "نظرات على الحياة الاقتصادية للأندلس عصري الطوائف والمرابطين من خلال نوازل ابن الحاج التجيبي".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد السابع والأربعون؛ مارس 2020. ص31 – 39.