يکتسي موضوع المقاومة في الأطلس المتوسط المغربي أهمية قصوى نظرًا للدور المهم والکبير الذي اضطلعت به هذه المقاومة في مواجهة التحدي الفرنسي والدفاع عن حوزة الوطن، فمنذ توقيع معاهدة الحماية في 30 مارس 1912، تزايدت الأطماع الفرنسية نحو مختلف المناطق المغربية في المدن والقرى، والتي قابلها الشعب المغربي بمقاومة باسلة شارکت فيها المرأة إلى جانب أخيها الرجل ضد المستعمر باعتباره عنصرًا دخيلاً عليهم، أتى لغصب أراضيهم ومصادرتها، وکانت بداية أيضًا لإذکاء الحماس والصمود في مواجهته، وبالتالي تشکل وبلورة الإرهاصات الأولى للمقاومة، ورغم الأهمية والأدوار التي کانت تؤديها وتلعبها المرأة المغربية، فإن الباحث عندما يتفحص مصادر تاريخ المغرب، قلما يعثر على نصوص تتناول بتفصيل دور النساء في صنع الحضارة المغربية باستثناء حالات معدودات ساهمن في تسيير دواليب الحکم أو کن من المتصوفات اللواتي ورد ذکرهن في بعض کتب التراجم، وهو ما يبين التهميش والإهمال التي عانت منه المرأة رغم جسامة المهام التي اضطلعت بها في بناء صرح الحضارة المغربية، ومن هنا تبرز أهمية هذا البحث الذي يروم التعريف وإبراز نضالات المرأة المقاومة المغربية التي کانت دائمًا حاضرة في الصفوف الأمامية للدفاع عن حوزة الوطن، والإشادة بمختلف المهام والأدوار الطلائعية التي لعبتها في هذه الفترة العصيبة التي کان تمر منها الدولة المغربية. من خلال هذا البحث الذي اعتمد منهجا تاريخيًا اجتماعيًا فرضته طبيعة الموضوع وصعوبة الإحاطة بکل جوانبه الخفية، کما أنه نظرًا لقلة الدراسات إن لم نقل انعدامها، إضافة إلى غياب الوثائق التي تبرهن على أهمية عملها، فرض علينا الاعتماد على الرواية الشفوية وتوثيق ما بقي من شهادات حول دورها هذا، فحديثنا عن دور المرأة في مقاومة الاحتلال لا نعني به البحث عن دور موازي لدور الرجل أو بديل عنه، بل يدخل في إطار کونها کانت أيضًا تتأثر بالتغيرات التي عرفتها البلاد في تلک الحقبة وتؤثر فيها.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
محمد سليماني، "أدوار المرأة وإسهاماتها في مواجهة الاحتلال الأجنبي: منطقة الأطلس المتوسط المغربي نموذجًا".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد السادس والأربعون؛ ديسمبر 2019. ص131 – 136.