وسط الصراعات والتحالفات والتجاذبات والعدوات وتشابک المصالح على المستوى المحلي والإقليمي وحتى الدولي، تتخذ عُمان موقف المحايد مفضلة عدم التدخل والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف. هذا الثبات والاستقرار في السياسة الخارجية العُمانية، يجعلنا نقلب صفحات الماضي العُماني لمعرفة التطور التاريخي لهذا الأسلوب والموروث الحضاري العُماني في التعامل مع الآخر؛ والمقصود بالآخر کل ما هو دون عُمان الأرض والإنسان سواء کانوا جيرانها في منطقة الخليج أو القريبين منها في البلاد العربية والعالم الإسلامي أو البعيدين عنها في المجتمع الدولي. تسعى هذه الدراسة إلى تتبع تعامل الإنسان العُماني مع الشعوب والمجتمعات الأخرى عبر العصور التاريخية، سواء کان ذلک بصورة فردية تتناول سلوک الإنسان العُماني وتعامله مع الآخرين أو بصورة رسمية بواسطة السلطة الحاکمة العُمانية وعلاقتها الخارجية مع الدول الأخرى، وهذا کله ما هو إلا نتيجة للموقع الجغرافي للأرض العُمانية وتفاعل الإنسان العُماني مع أهمية هذا الموقع ودوره الحضاري في قيام علاقة متنوعه مع الحضارات الأخرى في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية والثقافية، وکيف کان هذا الموقع محل أطماع من الآخرين وکان يمکن أن يصبح مکانًا للصراع بين الطامعين فيه، ومکان انطلاق للراغبين في إلحاق الأذى بمن حوله، ولکن حکمة الإنسان العُماني أدرکت أهمية وخطورة الموقع الجغرافي لبلدهم فاتخذوا أسلوب حضاري في التعامل مع الآخر بما يجنب بلدهم کل هذه المخاطر مستندين في تحقيق ذلک على الإرث الحضاري الإنساني الذي صبغ الشخصية العُمانية بصفات إنسانية توارثتها الأجيال عبر الزمن وکانت محل تقدير کل من تعامل مع الإنسان العُماني سواء کان ذلک في داخل عُمان أو في المناطق التي وصل إليها النفوذ العُماني في قارتي أسيا وأفريقيا. وتنتهي الدراسة بمعرفة الموروثات الحضارية التي ارتبطت بالموقع الجغرافي لعُمان والموروث الحضاري الإنساني للشخصية العُمانية بالإضافة إلى الموروثات الحضارية الاقتصادية والدينية والسياسية، وصولًا إلى النتائج التي تم التوصل إليها والمراجع التي تم الاستناد عليها.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
يحيى محمد أحمد غالب، "الموروث الحضاري في تعامل الإنسان العُماني مع الآخر في التاريخ الحديث والمعاصر".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد السادس والأربعون؛ ديسمبر 2019. ص119 – 130.