عرفت الکتابة التاريخية في أواخر العقد الثالث من القرن العشرين مع مدرسة الحوليات الفرنسية وثلة من أقطابها وأجيال من المؤرخين الذين ساروا على نهج المؤسسين الأوائل توجهًا جديدًا يتجه نحو ما يسمى بالتاريخ الاجتماعي، فبعد هيمنة التاريخ السياسي والعسکري، جاء التاريخ الاجتماعي الذي يبحث عن العادات والتقاليد والأعراف، والکوارث الطبيعية، وغيرها من المواضيع التي تمخضت عقب إلغاء القطيعة بين التاريخ ومختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية، نسعى من خلال هذا المقال إلى الوقوف على موضوع من مواضيع التاريخ الاجتماعي في الجزائر خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والمتمثل في صيام الجزائريين لشهر رمضان على ضوء الکتابات المحلية والأجنبية وهذا لرصد ما يرتبط بعادات وعبادات الجزائريين في هذا الشهر، وکذا لإبراز طبيعة هذه الکتابات من جهة ولإبراز قيمتها المصدرية ضمن حقل التاريخ الاجتماعي من جهة أخرى. تعود النصوص التي اعتمدنا عليها لرحالة وأسرى وقناصل عاشوا في الجزائر ومروا بها أواخر العهد العثماني وکذلک خلال العقود الأولى للاحتلال الفرنسي للجزائر، التي کتب فيها تاريخ الجزائر بأقلام العسکريين، ومن بينهم العسکري أوجين دوماس الذي رجعنا إلى کتابه عادات وتقاليد الجزائر، لم نقتصر في بحثنا هذا عن المصادر الأجنبية فقط، وإنما حاولنا البحث عن جوانب هذا الموضوع في ثنايا المصادر المحلية التي تعود لنفس الفترة، لکي نقارب بين هذه الکتابات ونبرز طبيعة التشابه والاختلاف في الطرح والمضمون، کما أنّ المقاربة من شأنها أن تقدم لنا صورة متکاملة عن صيام الجزائريين لشهر رمضان.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
سعدون بخاخ، "الجزائريون وصيام رمضان على ضوء الکتابات المحلية والأجنبية خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد السادس والأربعون؛ ديسمبر 2019. ص113 – 118.