شهدت الاحتفالات الدينية في عهد الدولة المرينية تطورًا ملحوظًا، ومنها على الخصوص الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فأول مَنْ احتفل به السلطان يعقوب بن عبد الحق (1286-1308م). وقد أعطى السلطان أبو الحسن المريني (1331-1351م) عناية خاصة لهذه المناسبة، حيث جعل الدولة تتحمل نفقات الاحتفال بليلة المولد. ارتبط اسم ابن مرزوق بأبي الحسن حين استولى على تلمسان في سنة 1337م، حيث کان عم ابن مرزوق (محمد الثالث) مقربًا من السلطان، فأدخل ابن مرزوق في حاشيته، ثم عينه خطيبًا بمسجد أبي مدين بالعباد بعد وفاة عمه. وقد لازم ابن مرزوق السلطان إلى غاية سنة 1348م، حين استعاد الزيانيون ملکهم في تلمسان، وحظي عنده بمکانة خاصة ورافقه في بعض رحلاته ومعارکه. کتب ابن مرزوق کتاب "المسند الصحيح الحسن..." وانتهى من تأليفه سنة 1371م. سنعرض في هذا المقال مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في عهد السلطان أبي الحسن المريني، فقد أفرد ابن مرزوق بابًا کاملاً في کتابه، يحتوي على عناية السلطان ورعايته لآل بيت رسول الله (ﷺ) والاحتفال بليلة مولده عليه السلام. فکان يقيم الاحتفال في حالة السفر أو في الإقامة. وبتحضير أنواع مختلفة من الطعام والحلويات والبخور ومظاهر الزينة. وکانت هذه المناسبة تلازمه حتى في حالة النفير للحرب مع النصارى. وإقامة المجلس يتم بعد صلاة المغرب، يستدعى إليه الناس حسب طبقاتهم ويتم إطعامهم. ثم يشرع في إقامة حفل ديني يبدأ بقراءة شيء من القرآن الکريم، ثم تُلقى القصائد الشعرية، والإکثار من ترديد الصلوات على النبي محمد (ﷺ). يستمر الاحتفال لوقت طويل من الليل، وعند طلوع الفجر يصل الناس صلاة الصبح، ثم يتناولون الطعام.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
عبد القادر فکاير، "الاحتفالات الدينية في عهد السلطان أبي الحسن المريني من خلال کتاب "المسند الصحيح الحسن..." لمحمد بن مرزوق التلمساني".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الخامس والأربعون؛ سبتمبر 2019. ص175 – 184.