يتميز تاريخ العصر الوسيط Middle Age (476-1453م) بأهمية کبيرة في حقل التاريخ عمومًا، والتاريخ الأوروبي على نحو خاص. وتأتي هذه الأهمية لأسباب متعددة: فهذه الحقبة التاريخية الطويلة تشکل حلقة متصلة وأساسية في فهم التاريخ الأوروبي الحديث واستمرارًا منطقيًا للتاريخ القديم بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في أواخر القرن الخامس الميلادي على أيدي القبائل الجرمانية. فغالبية التطورات التي حدثت في أوروبا منذ عصر النهضة والعصور اللاحقة، تستمد أصولها من التاريخ الوسيط. ومن الأحداث الهامة في تاريخ الغزوات الجرمانية هو قيام عدد من الممالک الجرمانية على انقاض الإمبراطورية الرومانية مثل مملکة البرجنديين في جنوب شرق غاله، مملکة القوط الغربيين في جنوب غاله وإسبانيا، مملکة الفرنجة في غاله ومملکة القوط الشرقيين في شبة الجزيرة الإيطالية، وقد کان لمملکة الفرنجة أهمية خاصة، تلک المملکة التي غيرت وجه التاريخ الأوروبي في مطلع العصور الوسطى؛ لأنها المملکة الوحيدة التي استطاعت البقاء في أوروبا على حساب الإمبراطورية الرومانية، بعد أن نجحت في مزج الحضارة الرومانية بعادات الفرنجة. وقد کان لمملکة الفرنجة العديد من العلاقات السياسية الخارجية مع الممالک الجرمانية المجاورة. وقد وجدت عدة علاقات سياسية بين الفرنجة والبرجنديين ما بين علاقات ودية وتحالفات ومصاهرات سياسية تارة، وعلاقات عدائية تارة أخرى بلغت في أوقات کثيرة حد المواجهات العسکرية والحروب وانتهت العلاقة بينهما في النهاية باستيلاء الفرنجة على مملکة البرجنديين والقضاء عليها عام 534م. وتتمثل أهمية الدراسة في رصد وتحليل العلاقات السياسية التي قامت بين الفرنجة والبرجنديين، وذلک من خلال المصادر التاريخية المرتبطة بهذه الفترة لاستجلاء وإبراز طبيعة هذه العلاقات حتى قضاء الفرنجة على مملکة البرجنديين والاستيلاء عليها عام 534م مما أدى إلى توسيع مملکة الفرنجة وازدياد سياستها الخارجية مع القبائل الجرمانية الأخرى.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
محمـود عبـد الله مهـدي عبد الحافظ، "العلاقات السياسية بين الفرنجة والبرجنديين في بلاد الغال: (490 – 534م)".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الرابع والأربعون؛ يونيو 2019. ص 64 – 85.