هناک مصدر يفرض حضوره على الباحثين في تاريخ فلسطين والقدس وهو الرواية التاناخية (التوراتية-المصادر الکتابية اليهودية) مع بعض الاستثناءات المحدودة التي تعارضها. أما المصادر التاريخية الأخرى فهي مغيبة ومنسية، وهي: المصرية القديمة، والسامية، واليونانية، والفارسية، والرومانية، والرواية القرآنية. التي يُتَعَمَدْ تغييبها من قبل الباحثين اليهود والغربيين لمعارضتها، بل لنفيها، لرواية المصادر الکتابية اليهودية، وللحضور اليهودي في التاريخ. الأمر الذي يترتب عليه نفي الرواية الکتابية اليهودية شکلاً وموضوعًا. أما الباحثون العرب، قديمهم وحديثهم، فالغالبية الساحقة منهم، تتبنى رواية المصادر الکتابية اليهودية، من خلال اعتمادها على المراجع اليهودية والغربية في کتابة تاريخ فلسطين والقدس. وربما يعود السبب في عدم توظيف الباحثون العرب للمصادر التاريخية التي تعارض الرواية الکتابية اليهودية، إما لعدم معرفتهم بها، أو لعدم قدرتهم على توظيفها، أو للسببين معًا. واللافت أن معظم المؤرخين والمفسرين المسلمين تبنوا الرواية اليهودية في تفسير آيات القرآن الکريم الخاصة باليهود. کما زعم بعضهم أن المسجد الأقصى من بناء النبيين داود وسليمان. يهدف هذا البحث للتعريف بالمصادر التاريخية المغيبة (المصرية القديمة، السامية، اليونانية، الفارسية، الرومانية) في تاريخ فلسطين والقدس، ويبين آلية توظيفها. ولتحقيق ذلک سيعرض البحث لرواية المصادر الکتابية اليهودية، ثم للمصادر التاريخية المغيبة، ويبين معارضة ونفي الثانية للأولى، وخلو الثانية بالمطلق من مزاعم الأحداث التاريخية التي سجلتها الرواية الکتابية اليهودية، الأمر الذي ينفي حدوثها ويکشف زيفها وکذبها. ثم يقابل البحث الرواية الکتابية اليهودية بالرواية القرآنية التي تسجل، في الأعم الأغلب، معجزات دينية، فوق تاريخية، وليس أحداث تاريخية بشرية معاشة. ثم يبين البحث مبالغات وزيف الرواية الکتابية اليهودية، التي عمدت إلى تحويل المعجزة الدينية إلى حدث تاريخي بشري معاش في محاولة لإقحام اليهود في تاريخ فلسطين والمنطقة العربية.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
بديع العابد، "المصادر التاريخية والرواية القرآنية المغيبة في تاريخ فلسطين والقدس".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الثالث والأربعون؛ مارس 2019. ص 157 – 173.