الأسواق مختلفة من حيث الحجم والنوع، إذ أن بعضها محلى إما أسبوعي أو يومي وهي کثيرًا ما تکون عامرة تباع فيها المنتوجات المحلية الصنع والإنتاج، وکان معظم التبادلات المحلية تمارس في مکان السوق بمکان معروف في المدينة أو القرية. وبعض هذه الأسواق جهوية تکون خاص بالاستيراد والتصدير في المواد الرئيسة آنذاک کالذهب والرقيق والملح يحضر فيها تجار من جهات مختلفة من بلاد السودان والمغرب ومصر وغيرها. وتجدر الإشارة أن استغلال ذهب السودان الذي بلغ مستوى عاليًا في القرن 8هـ/ 14م، ساهم بشکل کبير في ازدهار دُور الضرب والسکّة في بلاد المغرب، ومع الاستغلال المکثف لمناجم الذهب في بلاد السودان توفّر کميات هائلة من الذهب السوداني وتسربت بالتالي کميات مهمّة منه إلى بلاد المغرب عن طريق ما کان يبيعه السودان للمغاربة مما تتجمع بأيديهم من التبر، فضربوا به دنانير وأصبحوا يتصارفون بها في التجارات والبضائع والسلع، وهو ما استغله أهل المغرب في تزويد وتمويل دُور السکة ليس فقط في بلاد المغرب بل في الأندلس وأوربا بشکل عام. وفى الفترة الأخيرة وبفضل ازدهار التجارة وانتظام المعاملات في الأسواق وتطوّر نظام المبادلات الاقتصادية عرفت طرائق المعاملات في البيع والشراء في بعض مناطق بلاد السودان الغربي تطورات وتغييرات جذرية تمثلت في التعامل بالذهب غير المسبوک کعملة رائجة عند السودانيين في الأسواق وقطع الحديد لشراء بعض الأشياء کاللبن والخبز والعسل وغيرها من المواد المعيشية. وبشکل عام تبين أن الأسواق والمعاملات التجارية في بلاد المغرب الأقصى والسودان الغربي تميزت بالازدهار وکثرة السلع والحمولات من منتوجات محلية متنوعة وأخرى مستوردة لها أهميتها في المبادلات التجارية والمعاملات الاقتصادية فأدّت هذه الأسواق المختلفة بالإضافة إلى جانبها النفعي أدوارًا اجتماعية وثقافية کبيرة حيث کانت مراکز وأماکن تمارس فيها التأثيرات وتختلط فيها اللغات وتحتک فيها الهويات.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
مَامُودُو کَانْ، "الأسواق ووسائل المعاملات التجارية ما بين ضفتا الصحراء (5 -10ه/ 11-16م)".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الثالث والأربعون؛ مارس 2019. ص 134 – 143.