يصادف الباحث المتضلع في عناوين التراث البيئي والطبي الأندلسي ألوانا من التآليف والمصنفات والمجاميع تطرق فيها أصحابها موضوعات علمية وشرعية متنوعة، وأن کانت متباينة من حيث القيمة العلمية إلا أنها تتماثل في الدلالة على الوعي العميق لعلماء وأطباء الأندلس بالمسؤولية الواقعة على عاتقهم. أطنبت المصادر والدراسات في الإحاطة بطاعون منتصف القرن (الثامن الهجري/ منتصف الرابع عشر ميلادي) في الحوض المتوسطي عمومًا، والقطر الأندلسي على وجه الخصوص حيث أنها اختصت بإبراز مظاهر انتشار الوباء وحجم تداعياته بالوقوف على المخلفات والخسائر البشرية. ولکن في المقابل وُجدت مصادر معاصرة للحدث أغلبيتها رسائل ومقالات ومؤلفات بين أصحابها علميا الملامح العامة للظاهرة وانعکاساتها وسبل الوقاية والنجاة من الوباء. يتطلب الإحاطة بالجائحة الطبيعية الترکيز على رصد بيوغرافي للعلماء من خلال کتب التراجم والفهارس والبرامج، ومن ثم إحصاء أهم أعلام المملکة الغرناطية الذين تأثروا بشکل أو بآخر من هذا الوباء، کما يتطلب تعقب أهم مواقف العلماء الأطباء من هذه الظاهرة الاعتماد والبحث والتنقيب في أبرز المؤلفات الطبية التي عالجت التراث البيئي وما يعترضه من مخاطر طبيعية سواء کانت علمية محضة أو تحسيسية يغلب عليها طابع الشرع الديني.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
يماني رشيد، "مواقف أطباء مملکة غرناطة من وباء منتصف القرن الثامن الهجري".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الثالث والأربعون؛ مارس 2019. ص 114 – 124.