تناولت في هذه الدراسة قضايا عديدة في مجالات حضارية مختلفة استخرجتها من خلال لسان الأندلسيين العامّيّ، الذي تأثر بلغات ولهجات السکان الأصليين من غير المسلمين، والوافدين عن طريق التجارة کالصقالبة والعبيد، وکانت اللغة الأساسية البارزة في لسانهم إلى جانب العربية هي اللغة الإسبانية المحلية، والتي أضحت تحمل اسم الرومانثية أو الرومانسية (Romance)، والتي سُمّيت أيضا "اللاطينية" و "عجمية أهل الأندلس"، وإن کانت هذه القضايا الواردة في کتاب (لحن العوام) للزبيدي في معظمها أخذت الاتجاه الاجتماعي واللغوي، فإن لسان الأندلسيين العامي أوضح الکثير من القضايا الحضارية التي مارسها في نشاطه اليومي، وهو يمارس حياته في أدّق تفاصيلها سواء في الجانب الاجتماعي والتي برزت في المعاملات والأطعمة وأواني المطبخ، وأنواع اللباس الخاص بالجسد أو الرأس أو القدم، سواءٌ منها تلک المستعمَلة من طرف المرأة، أو الملابس الرجالية، وفي نفس السياق وردت إشارات عدّة للأثاث المنزلي الذي استخدمته المرأة في بيتها، ولم يُهمل لسان العوام الإشارة إلى بعض جوانب التسلية والملاهي، کما تضمن الکتاب قضايا کثيرة في الجوانب الاقتصادية بمختلف تشعباتها کالزارعة وما تعلق بها من آلات ومزروعات امتلأ بها المطبخ الأندلسي، والصناعة التي منها صناعات مدنية وأخرى عسکرية بسيطة –حسب ما اقتضاه الزمان-، وفي هذا السياق تطرقتُ لعددٍ من الحِرف والمهن التي مارسها الأندلسي من أجل کسب قُوتَ يومه، وحتى قطاع الخدمات کان له وجود في "لحن العوام" کالنقل والطب والبناء، بينما الإشارة إلى التجارة جاءت عابرة في خضم القضايا سابقة الذکر، وفي الجانب الثقافي- الديني جاءت إشارات قليلة إلى بعض الأدوات التعليمية، کما جاء ذکر "النصارى" وکنائسهم لکونهم مثّلوا عنصرا مهما من مکونات المجتمع الأندلسي يومئذ، أما المرأة فکانت قضاياها متنوعة ومتعددة سواءٌ ما تعلّق بها کمرأة أو بزينتها أو لباسها، فکانت عناصر الموضوع هي: العامة والخاصة - اللغة العامية (اللاتينية أو الرومانثية) - قضايا الطعام - قضايا اللباس - الحِرف والمِهن - قضايا ثقافية ودينية - قضايا المرأة خاصة - قضايا أخرى: (نقل، اقتصاد، ملاهي وتسلية، أخلاق).
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
نسيم حسبلاوي، "نظرات اجتماعية ولغوية في الأندلس من خلال کتاب لحن العوام للزبيدي الأندلسي".- دورية کان التاريخية.- السنة الثانية عشرة- العدد الثالث والأربعون؛ مارس 2019. ص 102 – 113.