مما لاشک فيه أن مصادر کتابة التاريخ لم تعتمد نوعًا واحدًا أو مظهرًا معينًا وإنما امتازت تلک المصادر بتعددها وتنوعها من أجل الوصول إلى الحقائق التاريخية، وبذلک فإن کتب الرحلات ومذکرات المسؤولين الأجانب تُعَدّ مصدرًا مهمًا لکتابة تاريخ المدن والبلدان في وقت ازدهرت فيه حرکة التنقل والترحال والتي وصلت منها الکثير إلى مناطقنا العربية والتي تدفعها أسباب متعددة لسنا بصددها، ونتيجة لذلک حاول بحثنا تقصي ومتابعة کتابات أولئک الرحالة والمسؤولين الأجانب الذين زاروا مدينة سوق الشيوخ التي تُعَدّ من أقدم الحواضر العراقية في جنوب البلاد، إذ رکز البحث على الأوضاع السياسية في تلک المدينة منذ نشأتها في عام 1761 وما دار فيها من أحداث وتطورات ومشارکتها الفاعلة في أحداث العراق بصفة عامة، کما تابع البحث کتابات أولئک الرحالة وأيضًا المسؤولين الأجانب الذين کانت لديهم تقارير عن ما يحصل في تلک المدينة من تطورات سياسية، ولأهمية موقع تلک المدينة لم يغفل الرحالة في الکتابة عن موقعها المهم الذي تم إيضاحه في بداية البحث، کذلک تطرقنا إلى الصراعات الداخلية التي کانت تحصل في تلک المدينة من أجل النفوذ والسيطرة على إمارة المنتفک باعتبار أن مدينة سوق الشيوخ کانت مرکزًا لتلک الإمارة، فضلاً عن ذلک فقد تناول البحث مساهمة تلک المدينة في الإخطار الخارجية التي کانت تهدد العراق ومساهمتها في التصدي للغزوات التي کانت تحصل. أما بالنسبة إلى المنهج الذي تم اعتماده في کتابة البحث فهو المنهج الوصفي والتحليلي مع الالتزام بالتسلسل التاريخي للأحداث. وکان من أبرز النتائج التي خلص إليها الباحث هي أن کتابات الرحالة والمسؤولين الأجانب کانت ذات فائدة کبيرة في تدوين تاريخ تلک المدينة، وعلى الرغم من ذلک لکن هذا لا يعني وجود أخطاء وهفوات وقع فيها أولئک الرحالة بحکم عدم معرفتهم بالمنطقة جيدًا أو لمرورهم السريع، ومن ثَمَّ فإن کتاباتهم ربما يشوبها بعض الشک، ولکن الباحث استطاع التغلب على ذلک من خلال تصحيح الأخطاء التي وردت في تلک الکتابات.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
عماد جاسم حسن الموسوي، "الأوضاع السياسية في مدينة سوق الشيوخ کما وصفها الرحالة والمسؤولين الأجانب 1761 – 1920".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الثاني والأربعون؛ ديسمبر 2018. ص 106 – 117.