مثّلت السخرية السياسية أحد أوجه نقد السلطة الحاکمة خلال العصر الوسيط الإسلامي، اتخذها البعض وسيلة للتعبير عن مواقفه تجاه بعض انحرافات الحکام والاحتجاج ضد بعض قراراتهم الجائرة أحيانًا في حق الرعية، وقد تراوحت بين النقد الضمني والنقد الصريح. ويُعَدّ أحمد بن يحيى العبدري الذي عاش خلال القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي من بين العلماء القلائل الذين أحسنوا توظيف هذا النوع من النقد تجاه حکام بني عبد المؤمن في الغرب الإسلامي، فقد استطاع أن يمارس سخريته السياسية عليهم مستغلاً قدراته العلمية والإبداعية الساخرة وشجاعته السياسية. وقد کشف البحث عن أثر النقد الساخر في الواقع السياسي للموحدين وقدرته على تغييره، سيما إذا کان صادرًا من عالم أديب کبير مثل العبدري الذي أتقن هذا الفن وضحى بامتيازاته من أجل تقويم النظام الحاکم وذلک وفق رؤيته الخاصة. لکن خوف السلطة الحاکمة من نقد العبدري ووعيها بخطورته في تأليب العامة والخاصة عليها هو ما دفعها إلى معاقبته وإلجامه، الشيء الذي يعکس الطبيعة المغلقة للنظام الموحدي.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
المحجوب قدار، "السخرية السياسية في عصر الموحدين من خلال نموذج أحمد بن يحيى العبدري".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الثاني والأربعون؛ ديسمبر 2018. ص49 – 54.