إنّ الطوبونيميا هي أحد روافد المعرفة التاريخية، والحال أنّ المادّة التاريخانية المتعلّقة بتاريخنا القديم نادرة في المصادر الأدبية ما عدا بعض الإشارات هنا وهناک، في هذه الظروف لا يبقى سوى وسيلة واحدة: الحفريات اللسانية، أداة لمحاولة رأب الصدع الذي نتج عن ضياع الوثائق التاريخية عبر العصور. تحمل الطوبونيميا إذن دلالات عميقة، تتجاوز مجرّد التسمية إلى هوية المکان. في هذا السياق نحاول من خلال هذه المقاربة الموجزة دراسة الأصول التاريخية لمدينة مسيلة زابي في الفترة الرومانية، محمّدية خلال العهد الإسلامي. لقد أصبح موضوع الطوبونيميا يثير الکثير من التساؤلات حتى في الأوساط الأکاديمية وقد يبدو الأمر هيّنا عند البعض، ولکن الموضوع على درجة من الأهمية، لأن اسم المکان يحمل هوية المکان، فضلاً عن أنه عنوان لتاريخ طويل، ولذلک أردنا من خلال هذه المقاربة الموجزة تقديم محاولة لربط مدينة مسيلة بتاريخها من خلال اسمها العريق بقدر عراقتها، فيثير التقارب إلى حدّ التطابق الفوني بين اسم مدينة مسيلة قاعدة إقليم الحضنة، والماسيل (Massyles) وهم ذلک الاتحاد القبلي الذي انبثقت منه أعرق عائلة ملکية في تاريخ أفريقيا الشمالية القديم فضولاً معرفيًا يدفع إلى البحث والتقصّي في المصادر القديمة وحتّى التراث الشفوي.
الاستشهاد المرجعي بالمقال:
العربي عقون، "مسيلة والماسيل: مقاربة موجزة في أصول مدينة مسيلة".- دورية کان التاريخية.- السنة الحادية عشرة- العدد الثاني والأربعون؛ ديسمبر 2018. ص 26 – 30.