أنشأ المرينيون (869 – 609هـ/1212- 1465م) مدنًا جديدة على رأسها "فاس الجديد" في المغرب الأقصى و"المنصورة" في المغرب الأوسط - الجزائر الحالية- و"ألبنية" في الأندلس في سياق تطور دولتهم ونشر مشروعهم السياسي. وفرت لها تجربة المغرب الأقصى في ميدان العمران أرضية خصبة للتطور والنمو، فوصل بذلک بعضها درجات من الإشباع الحضري ضاهت به کبريات عواصم العالم الإسلامي کما هو الشأن بالنسبة لمدينة فاس الجديد. جاءت فکرة هذه المدن في خضم الهاجس العسکري الذي سيطر على المرينيين في الجبهات الاستراتيجية لدولتهم؛ وهکذا أنشئت فاس الجديد بعد عمل عسکري أسفر عن فتح المدينة وتهدئة الأوضاع بها، وتطورت منصورة تلمسان في ظل محلة السلطان المحاصرة لتلمسان مدة طويلة، بل وعبرت بعض النصوص أنها جاءت تجسيدا لنشوة الانتصار الذي حققه السلطان أبو يعقوب يوسف (685 - 706هـ)، أما ألبنية الجزيرة الخضراء فجاءت في سياق تثبيت قاعدة الجهاد بالأندلس وإسکان الجند المرابطين هناک. تفردت هذه المدن بمميزات خاصة بإقامتها إلى جانب حواضر کبرى تنتمي إلى مراحل تمدينية سابقة. وهو ما يجعل هوية هذه الکيانات محط تساؤل واستفهام من لدن العديد من الدراسات. هل يتعلق الأمر بمدن کاملة الصلاحية أم هي مجرد قصبات أم هي أرباض کبرى أم قلاع إلخ. ومن جهة أخرى تطرح تساؤلات حول طبيعة علاقتها مع غريمتها المجاورة؛ أهي علاقة تضاد وتنافس؟ أم علاقة تکامل وظيفي وتجانس؟. الاستشهاد المرجعي بالمقال:
محمد لملوکي، "مدن الازدواجية الحضرية في الغرب الإسلامي خلال العصر المريني: فاس الجديد – منصورة تلمسان – ألبنية الجزيرة الخضراء".- دورية کان التاريخية (علمية، عالمية، مُحکَّمة).- العدد الثامن والعشرون؛ يونيو 2015. ص 64 – 70 .