تعتبر مرحلة الحماية الفرنسية محطة مهمة في تاريخ المغرب المعاصر، لما ترکته من تأثير في مسار المغرب المستقل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد حظيت القضايا التاريخية الکبرى لهذه المرحلة کالتاريخ السياسي والعسکري بنصيبها من البحث والدراسة، بينما لم يحظ التاريخ الاقتصادي والاجتماعي إلا بالنزر اليسير من البحث الأکاديمي. واعتبارًا لما يترکه الماضي على الحاضر، والحاضر على المستقبل من بصمات، فإن معرفة الماضي الاقتصادي والاجتماعي لأي مجتمع، تشکل اللبنة الأساسية لبناء الصرح المعرفي بخبايا الحاضر بمختلف جزيئاته، وامتلاک أدوات تحليل معالم الغد. استنادًا إلى هذه الاعتبارات التاريخية والمستقبلية ارتأينا أن نُسْهم في تسليط الضوء على تاريخ إحدى المدن المغربية التي أولتها إدارة الحماية أهمية خاصة نظرًا لمکانتها الاستراتيجية. يشکل التحول والعمليات الانتقالية من مستوى إلى مستوى آخر السمة البارزة للمجتمعات الإنسانية منذ وجودها، إلى درجة أصبحت معها هذه العمليات تتخذ شکل مبدأ أساسي يحکم حياة المجتمعات في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة. وتجد المجتمعات الإنسانية نفسها- طبقا لذلک - مندرجة کليًا أو جزئيًا في عمليات انتقال وحرکات مستمرة و"منخرطة في الحرکة التاريخية، وذلک بهدف تغيير ذاتها وأفرادها ومحيطها والمجتمعات المرتبطة بها"، وخاضعة بشکل مستمر لقوى داخلية وخارجية تقوم بتغيير توجهها وقبلتها، وتتخذ هذه العمليات الانتقالية أشکالاً ونماذج مختلفة ومتباينة في حدتها ومدتها. إن موضوع التحولات الاقتصادية والاجتماعية بمدينة تازة على عهد الحماية، يأخذ أهميته من ارتباطه بالإشکالية المرکزية التي نسعى إلى تفکيکها وترکيبها خلال فصول هذه الدراسة. الاستشهاد المرجعي بالمقال:
جلال زين العابدين ، عرض أطروحة: التحولات الاقتصادية والاجتماعية في مدينة تازة على عهد الحماية (1914 – 1956).- دورية کان التاريخية (علمية، عالمية، مُحکَّمة).- العدد الرابع والعشرون؛ يونيو 2014. ص 141 - 145.