لعبت الصحراء الإفريقية الکبرى في تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء ما لم يلعبه المحيط الأطلسي، من الأدوار الحضارية الهامة فقد کانت مسارب الصحراء إلى غرب إفريقيا خلال العصر الوسيط وبداية العصر الحديث بمثابة مسالک تعبر من خلالها حضارة البحر الأبيض المتوسط والحضارة الإسلامية بعد ذلک إلى إفريقيا جنوب الصحراء عمومًا وإفريقيا الغربية بصورة أخص، والحقيقة أن الحواضر السودانية کانت على اتصال مستمر مع الحواضر الشمالية ولم تکن الصحراء عائق يحول الاتصال بين الفضائين وکانت حرکة القوافل التجارية المحملة بمختلف البضائع القادمة من الشمال مظهرًا من مظاهر هذا التواصل، فقد شهدت المنطقتين بروز مراکز تجارية تعدت شهرتها حدود المنطقة منها مثلاً: تمبکتو، غاو، جني، تادمکة، توات، ورجلان...الخ. وقد بلغت حرکة القوافل التجارية أوج قوتها على أيام الأسقيين وحافظت حکومتهم على التقليد السوداني القديم منذ أيام مملکة غانا في توفير الأمن والاحتفاء بالتجار، ورغم أن بعض المسالک شهدت بعض الاضطرابات، إلا أن ذلک لم يوقف مرور حرکة القوافل التجارية القادمة من الشمال إلى أسواق الجنوب محملة بمختلف المنتجات المتوسطية ليتم مقايضتها بالسلع السودانية، ورافق هذه الحرکة انتشار الإسلام والثقافة العربية الإسلامية في المنطقة فيما بعد بفضل جهود التجار والدعاة وأصحاب الطرق الصوفية. الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
عطية عبد الکامل، الروابط التجارية بين شمال وجنوب الصحراء الکبرى من خلال المصادر العربية والرحالة الأوربيين بين القرنين (15 – 19م).- دورية کان التاريخية.- العدد الثالث والعشرون؛ مارس 2014. ص 51 – 61.