تفاعل الإنسان الصحراوي مع بيئته، فأبدع ابتکار سبل استقراره بها، ولما کان الماء محدد القرار في الصحراء، فإن سکان المنطقة أوجدوا نظم يعني باستخراج الماء من باطن الأرض وإيصاله إلى محلات استعماله، ويعد نظام الفقارة في توات (ولاية أدرار ـ الجمهورية الجزائرية) العجيب من أهم نظم السقي بالمنطقة، من حيث کيفية نقل الماء وتقسيمه العادل على الواحات، فالنظام غني بمصطلحاته وقياساته، التي تعد من خصوصيات منطقة توات دون غيرها، حيث يعد الميلان عن سطح الأرض أهم محددات هذا النظام، حيث تحتفر الآبار وتربط ببعضها بخنادق أرضية، وبانخفاض الميل تبرز أعماق الآبار حتى تبرز المياه إلى أقنية سطحية، وتنتهي بحوض جامع للمياه والتي تشرف على فتحات ومنافذ صغيرة يخرج الماء منها عبر أقنية أخرى توصله إلى البساتين، تکبر المنافذ وتصغر حسب نصيب صاحبه. وتقاس حصص الملاکين بمقياس محلية وحدتها الأساسية الحبة وتتفرع عنها وحدات فرعية هي القيراط والقيراط من القيراط، والحبة هي مقياس تدفق المياه من ثقوب الحلافة وهي آلة بشکل صفيح معدني بها ثقوب تتدفق منها المياه عند القياس. لا يبدو من خلال مطالعاتنا أن للقياسات برهان رياضي ثابت، بل أن الحبة تختلف من منطقة إلى أخرى حسب نسب المياه المتدفقة من الفقارة والتي يوثر فيها مقدار المياه الباطنية ميل القفارة، لکن أهل توات يتفقون بالتراضي حول هذه المقاييس. الاستشهاد المرجعي بالمقال:
عبد الرحمن محمد بعثمان، نظام السقي في الجنوب الغربي الجزائري: نظام الفقارة في منطقة توات أنموذجًا، دراسة من خلال المصادر المحلية.- دورية کان التاريخية (علمية، عالمية، مُحکَّمة).- العدد الثاني والعشرون؛ ديسمبر 2013. ص 144 – 150.