ظهرت العديد من الدراسات التاريخية المتخصصة بتاريخ بلاد الأندلس سواء في الجانب السياسي أم الحضاري، فعالجت تلک الدراسات التاريخية أغلب تاريخ بلاد الأندلس، ولم يبق للدارسين إلا النزر اليسير والذي لا يمکن الوقوف عليه إلا من خلال الغور في أعماق تلک الدراسات للخروج بأفکار لم تتوسع فيها تلک الدراسات، لتکون انطلاقة وإضافة جديدة نحو فهم أعمق للواقع الأندلسي وربما تنطلق من بعض تلک الأفکار لدراسات أکثر دقة. فکانت هذه الدراسة موقوفة على الخدمات والتسهيلات التي قدمت في الموانئ الأندلسية والتي کان لها الدور الکبير في استيعاب الحرکة التجارية آنذاک. فمعروف أن الموانئ تعد من الأماکن التي أدت دورًا أساسيًا في الحرکة التجارية والمعاشية للبلدان لاسيما تلک المطلة على البحار والمحيطات بعد أن علمنا أنَّ (80%) من التجارة الأندلسية کانت مع بلاد حوض البحر (الشامي) الأبيض المتوسط آنذاک، ولأن الحرکة التجارية کانت تجري عبر الموانئ؛ فإن ذلک ما کان لينجح ويثمر بالصورة المشرقة، لولا توفر مجموعة خدمات وتسهيلات تضافرت لخدمة هذا الجانب الحيوي من جوانب الاقتصاد. ولهذا السبب کان اختيارنا لموضوع "الخدمات والتسهيلات التجارية في الموانئ الأندلسية في عصري الامارة والخلافة" لمعرفة ماهية ونوع تلک الخدمات والتسهيلات التجارية. وتحديد مدة الدراسة بعصري الإمارة والخلافة له مدلولات زمانية ومکانية، فالعصر الأول شهد بزوغ الدولة المستقلة في بلاد الأندلس، والعصر الثاني کان مکملاً لذلک النظام السياسي من خلال تشکيل نظام سياسي جديد (عصر الخلافة) عمل على ظهور الاستقرار السياسي، فضلاً عن استقطاب کل المعارف والعلوم، فأصبحت البلاد ملاذًا لکافة فئات المجتمع ومن کل البلدان، فلا غرابة بعد ذلک من ظهور النشاط الکبير في تلک الحقبة التاريخية دون غيرها من الحقب الأخرى. الاستشهاد المرجعي بالمقال:
خليل خلف الجبوري، عرض أطروحة: "الخدمات والتسهيلات التجارية في الموانئ الأندلسية في عصري الإمارة والخلافة".- دورية کان التاريخية (علمية، عالمية، مُحکَّمة).- العدد الواحد والعشرون؛ سبتمبر 2013. ص 168 - 173.