صدر عن دار النشر "المرکز الثقافي العربي" في الدار البيضاء کتاب جديد من (267) صفحة من القطع المتوسط تحت عنوان "تأملات في تاريخ الرومان: أسباب النهوض والانحطاط"، للمفکر الفرنسي "مونتسکيو" نقله إلى العربية المفکر المغربي الکبير عبد الله العروي، عن النص الأصلي باللغة الفرنسية، والصادر سنة 1748. على عکس ما قد يتبادر إلى الذهن أن الکتاب موجه إلى فئة من المختصين في التاريخ الروماني القديم فحسب، بل إنه کتاب فکري بحمولات تاريخية، يجيب عن أسئلة حديثة، تشکل مضمون الانشغال اليومي للفاعل السياسي والثقافي العربي اليوم، إنه تشريح عميق وتحليل هادئ للواقع العربي المعاصر عبر تقنية الکتابة بالمثال والرمز، يجد فيه القارئ النبيه ثلاث أزمنة متداخلة هي: زمن الرومان، وزمن مونتسکيو، وزمن العروي، کما هو ظاهر و مضمر في کل الکتاب، بين متن، وهوامش، وفي ظرفية إخراجه في هذا الوقت بالذات. ويمکن الإشارة إلى؛ أن لهذا الکتاب علاقة ما بالإصدارين الأخيرين للعروي، "السنة والإصلاح"، و "من ديوان السياسة"، الأول حوار داخلي يروم من خلاله العروي ترتيب أفکاره عن مسألة العقيدة والتدين وهو في عقده السابع، والثاني کان فيه العروي مباشرًا إلى أبعد الحدود عندما انتقى من ديوان السياسة بعض الإشکاليات الکبرى المؤسسة للحقل السياسي العربي وفصل فيها القول، شارحًا ومدققًا ومقترحًا لحلول کثيرة، ولعل هذا المشترک يظهر في کون العروي يشکل بکل صدق ذلک المثقف العضوي المشتغل بالتاريخ والمهموم بقضايا مجاله المحلي (المغرب) أو الإقليمي (الوطن العربي). إننا أمام کتاب انتقاه العروي بکل عناية ليقدمه للقارئ العربي، وله في ذلک حکمة بليغة إن لم نقل عدة حکم دقيقة، فهو عندما کان يوجه طلبته من المؤرخين إلى الابتعاد عن کتابة تاريخ المغرب بالطريقة التقليدية، کان يعرف جيدًا لما في منهج المقارنة مع الغير من أهمية علمية، وهو اليوم يبرهن لهم عمليًا، من خلال کتاب وکاتب يعتبر من المنابع الأولى للفکر السياسي والدستوري في أوربا في القرن الثامن عشر. الاستشهاد المرجعي بالمقال:
عبد الله إدريس الداودي، عرض کتاب: تأملات في تاريخ الرومان: أسباب النهوض والانحطاط.- دورية کان التاريخية (علمية، عالمية، مُحکَّمة).- العدد الواحد والعشرون؛ سبتمبر 2013. ص 164 - 167.