يجد الباحث نفسه وهو يتناول بعض الجوانب من شخصية ابن خلدون، واستطلاع آرائه الثاقبة في مسائل الاجتماع الإنساني، أمام شخصية علمية نابغة، اکتسبت دراية واسعة بشؤون الحکم والسياسة، من خلال تقلبه في المناصب، ومعايشته للسلاطين وحواشيهم، ولذلک جاءت أرائه مشبعة بهذه الخبرة، طافحة بملاحظاته النابعة من تجاربه المکتسبة من اطلاعه العلمي ومراسه السياسي. ولذلک يحتل ابن خلدون في التراث العربي الإسلامي وفي الفکر الغربي المعاصر، مکانة متميزة، فهو أحد الرواد الذين شيدوا البناء الفکري لصرح العلوم الإنسانية، وعلى رأسها علم الاجتماع، ويُنظر إليه على أنه صاحب رؤية حضارية خاصة، ولاسيما فيما يتعلق بدراسة التاريخ البشري، والمجتمع الإنساني والعمران الحضاري، ويتجاوز بعض الدارسين له ذلک فيتحدثون عن عبقريته في الفکر الاقتصادي والتربوي والسياسي وغير ذلک من الحقول المعرفية. هذه دراسة استقرائية تحليلية سوسيولوجية للفکر الثوري عند ابن خلدون؛ بهدف التعرف على مفهوم الثورة کما وردت في مقدمة ابن خلدون والمفاهيم التي تحمل نفس المعنى کالانقلاب والحرب، إضافة للتعرف على أشکالها وأهدافها، وأسبابها، وأساليبها ونتائجها، وصفات قادة الثورات وتأثيراتها في الحياة الاجتماعية والسياسية، مع محاولة استشراف مستقيل الربيع العربي في ضوء طروحات ابن خلدون. ومن خلال منهج استقرائي تحليلي متعمق للفصول الخاصة بالثورات والحروب في مقدمة ابن خلدون، ولأهم المراجع التي تحدثت عن الموضوع بشکل مباشر. وبعد العرض والمناقشة والتحليلٌ خلصت الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات حول مفهوم الثورات وأسبابها وأشکالها ونتائجها.