تعددت الأوضاع الاجتماعية لأولاد الناس داخل المجتمع المصري خلال عصر سلاطين المماليک وتشعبت اتجاهاتها، فقد شکل أولاد الناس فئة من طبقة المماليک، وهي الطبقة الأوّلى بالرعاية من جانب السلاطين باعتبار أنهم يشکلون طبقة خاصة بهم تمثلت في السلطان ونخبة الأمراء المماليک، ولکن إذا صح القول أن طبقة المماليک تنقسم إلى فئات أو على الأقل يمکن أن يوجد بها من هم في المنزلة الثانية من نفس الطبقة، فبعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن مجتمع المماليک في المدن المملوکية تکون من طبقة مميزة وهي الخاصة وطبقة العامة وکان بين الطبقتين فئة ثالثة وهم الأعيان، فيکون هناک الأعيان من المماليک وإذا صح القول فيندرج تحتهم أولاد الناس والأعيان من العامة وهم العلماء والفقهاء وأعيان التجار وهو ما اصطلح على تسميتهم بياض العامة. ولو اعتبر أولاد الناس من أعيان المماليک فهم جزء لا يتجزأ من طبقة المماليک حيث يشکلون فئة من فئاتها، وبالرغم من أنهم شکلوا العنصر الثاني من الطبقة المملوکية العسکرية الممتازة کما وصفهم المؤرخون المحدثون، إلا أنهم تفاعلوا في المجتمع المصري تفاعلا کبيرا حيث استطاع رغم مکانتهم الهامة أن يجذبهم بين جنباته، وخاصة أنهم کثيرا ما حاولوا الابتعاد عن الحياة السياسية العسکرية التي يحيا آباؤهم في ظلها، واختار البعض منهم حياة مختلفة عما کان عليه أسلافهم، حتى أن أحفاد المماليک أبناء أولاد الناس وهم الذين شغلوا مکانة أدنى من مکانة أولاد الناس سرعان ما امتصهم المجتمع المصري وذابوا فيه بعد جيلين أو ثلاثة وأصبحوا نسيجاً واحداً مع بقية طبقات المجتمع. وبالرغم من ذلک إلا أننا وجدنا حياة اجتماعية لأولاد الناس وأبنائهم وأيضاً لأحفادهم، نحاول أن نتعرف على هذه الحياة الاجتماعية والتي شملت کافة أولاد الناس سواء من أبناء السلاطين (الأسياد) وبناتهم أو أولاد الناس أبناء الأمراء حيث نميط اللثام عن نقاط کثيرة تتعلق بحياتهم الاجتماعية والتي استطعنا التوصل إليها من خلال البحث بين ثنايا سطور المصادر المملوکية فلنحاول استنطاق هذه المصادر لنصل إلى حقيقة ولو شبه مکتملة عن حياة أولاد الناس الاجتماعية في عصر سلاطين المماليک.