لعلّ السمة السائدة في عصرنا هي الابتعاد عن الأمور الروحانية التي تحملنا على جناحها إلى العالم المطلق، والسبب في ذلک سيطرة الحياة المادية واستيراد أفکارٍ موجهةٍ تريد بنا الابتعاد عن جوهر حضارتنا وثقافتنا الإسلامية. رغم ما يذخر به إرثنا الثقافي من رؤىً جمالية ومعرفية ذات أبعاد واسعة،جوهرها الارتقاء بالإنسان والسمو بجوهره نحو الله. وقد اخترت من هذه الکتب کتاب (مشارق أنوار القلوب ومفاتح أسرار الغيوب) لابن الدباغ، وقد وجدتُ فيه ما يمثّل جوهر الفکر الجماليّ الإسلامي. يتألف الکتاب من عشرة أبواب: (في الطريق الموصلة للنفوس الذکية إلى المحبة الحقيقية، في المحبة ومعانيها واختلاف عبارات الناس فيها، في أقسام المحبة الجنسية والنفسية، في معنى الجمال والکمال, في المحبة المعنوية الخفيّة عن أذهان البريّة، في أقسام المحبين من السالکين، في مقامات السالکين وأحوال العارفين، في منازل الواصلين من أهل التمکين، في ذکر العشق على الإجمال وما يتصل بذلک من الأحوال، في الفضائل التي تکتسبها النفس بطريق المحبة). وقد اخترت دراسة مفهوم الجمال والکمال في هذا الکتاب، لما له من ارتباط بحياتنا وارتقاء بجوهر الفرد.