الحياة الفنية والشخصية التى عاشها إبراهيم مسعودة اکتنفها الکثير من الغموض عبر رحلته الفنية القصيرة فى مصر،
وبالرغم من القصر النسبى لهذه الرحلة إلا أنه لعب دورًا لا يستهان به فى تشکيل وتأسيس مدرسة الفن المعاصر فى
مصر. ولکن مع نهاية الخمسينات سوف نلاحظ أن دور مسعودة واسهاماته فى تشکيل الفن المصرى المعاصر قد
محقت ربما عن عمد بسبب کونه فنان يهودى فى فترة الحروب المصرية الإسرائيلية التى تم حشد کل إمکانيات الثقافة
المصرية للتأکيد على الهوية القومية والوطنية التى تخدم تلک الحرب، من الصعب قراءة وفهم معطيات تلک الفترة
التاريخية التى اختفى فيها مسعودة دون مراجعة أولوياتها، ولکن من المؤکد أن مؤرخى تلک الفترة وما بعدها تعمّدوا
اخفاء طبيعة العطاء الفنى لإبراهيم مسعودة فى تشکيل اللوحة المصرية المعاصرة؛ فلقد وضعت العديد من المؤلفات
التى عنيت بتاريخ واسهامات مؤسسى الفکر الحداثى للفن مثل حامد ندا وسمير رافع وعبد الهادى الجزار وکلهم کانوا
زملاء دراسة وعمل لمسعودة ولکن أى منها لم يمنح "إبراهيم مسعودة" الإهتمام الذى يستحقه ؛ وتتلخص مشکلة هذه
الدراسة البحثية فى أن کل تلک الدراسات اکتفت فقط بالإشارة إلى مشارکة مسعودة لهم فى بعض المعارض الخاصة او
العامة لا توجد حتى الآن أى دراسة واحدة حقيقية تحدثت عن طبيعة مشارکة مسعودة لهم فى تلک المعارض ولا کيف -
تأثر بهم مسعودة أو کيف هم تاثروا بمسعودة مسعودة نفسه تحول إلى شبح فى تاريخ الفن المصرى المعاصر اسم - -
يتردد من دون أى معنى أو تاريخ..حتى أن حقيقه کونه فنان يهودى صارت غائبة عن معظم النقاد المعاصرين. وفى
ضوء قلة المعلومات المتاحة عنه )لا توجد أى سيرة حياتية خاصة به( فإن هذه الدراسة تهدف للوصول للبداية
الصحيحة للتعرف على مسعودة والتى لن تتحقق سوى عن طريق فهم المدرسة الفنية والفکرية التى انتمى لها هذا الفنان
الغامض ومن خلال التعرف على تاريخ صعود وازدهار وايضًا تداعى جماعة الفن المعاصر ما بين 1945 - 1955
يمکن التعرف على خط فنى موازى للسيرة الذاتية الحياتية لمسعودة باعتباره أحد أهم أبناء تلک الجماعة فمعظم حياة -
مسعودة الفنية کانت تدور فى فلک ذلک التجمع ولسوف تترک دراسة جماعة الفن المعاصر عدة نقاط استرشادية لا غنى -
عنها للتعرف على سيرة مسعودة الفنية. وبرغم قلة المعلومات المتاحة عن ابراهيم مسعودة إلا أن الدراسة التاريخية
لجماعة الفن المعاصر فى هذه الدراسة، نجحت فى استقصاء مسار فنى لمسعودة، على الأقل ذلک المسار الذى جمعه
بجماعة الفن المعاصر؛ کذلک توصلت الدراسة لتلک الوثيقة والتى يشرح فيها مسعودة نفسه رؤيته الفنية لجمهور معرض
جماعة الفن المعاصر فى عام 1948