الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. وبعد ..
فإن للعلم بأسماء الله تعالى وصفاته والإيمان بها أهمية عظيمة ، فهذا العلم أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق . والاشتغال بفهمه والبحث فيه اشتغال بأعلى المطالب وأشرفها .
کما أن معرفة أسماء الله وصفاته من أسباب زيادة الإيمان فإن العبد کلما ازداد معرفة بها وبمقتضياتها وآثارها ازداد إيماناً بربه وحباً وتعظيماً . لذا کان لابد من معرفة المنهج الصحيح في هذا العلم .
والصحابة رضوان الله عليهم لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفـات والأفعال ، بل کلهم على إثبات ما نطق به الکتاب والسنة ، کلمـة واحدة من أولهم إلى أخرهم ، ولم يحرفوها عن مواضعها ولا ضربوا لها أمثالاً ، ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها ، بل تَلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالإيمان والتعظيم ، وجعلوا الأمر فيها کلها أمراً واحداً ، وأجروها على سنن واحدة .
وسار على هذا سلف الأمة وأئمتها يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - r - من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تکييف ولا تمثيل ، يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات وينفون عنه مماثلة المخلوقات ويثبتون له صفات الکمال ، وينزهونه عن النقص والتعطيل وعن التشبيه والتمثيل ، إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل ([1]) .
ويؤمنون بما صـح من أحاديث الصفات ، ويجرونها على ظاهرها على ما يليق بالله تعالى ، مع نفي المماثلة . ومن تلک الأحاديث قوله - r - " خلق الله آدم على صورته " .
وقد حوى الکتاب المقدس نصا يشابه هذا الحديث في سفر التکوين : "نعمل الإنسان على صورتنا کشبهنا، فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه" (تک 1: 26، 27).
فرغبت في کتابة بحثا يجلى معنى الحديث النبوي والنص في الکتاب المقدس عند النصارى تتضح به الرؤية الصحيحة في خلق آدم على صورة الله .
والمقصود من بحثي هذا خلق آدم في السنة هو معنى الحديث" خلق الله آدم على صورته"
([1]) انظر : منهاج السنة لابن تيمية (2/11) ؛ إعلام الموقعين لابن القيم (1/49) .