کانت فترة الاضطرابات السياسية التي حدثت في مصر عقب جلاء الاحتلال الفرنسي عنها في 1801م، سنوات مخاض، انتهت بثورة 1805م، التي تعد حدثا فريدا في تاريخ مصر الحديث؛ حيث وُصفت بأنها أول ثورة تضع أسس الحکم الدستوري؛ حين تمکن الشعب من فرض إرادته بعزل وال وتعيين آخر، واشترط عليه أن يحکم بالعدل والشورى وإلا خُلع. فهل کان للمرأة دور فاعل في هذه الحقبة؟ أم کانت بمعزل عن هذه الأحداث الجسام في تاريخ مصر؟ وهل ذلک العصر الذي يوصَف بـ(عصر الحريم) فرض عليها الانعزال والانزواء عن المشارکة في الأحداث العامة؟ وإن لم تکن في عزلة عنها؛ فما هو الدور الذي قامت به؟ وما حجمه؟ ومدى تأثيره وفاعليته؟
وانطلاقا من أنه لا يصح أن يکون هناک تفسير للتاريخ معفي من إعادة التقييم والنقد؛ فإن هذا البحث إذن هو محاولة لتسليط الضوء على أحوال المرأة في مطلع القرن التاسع عشر في مصر. ويناقش: مدى صحة ما استقر من قناعات لدى کثير بأن المرأة کانت کَمَّا مُهمَلا لا شأن له في صناعة الأحداث الکبرى. وهل لم تبرز للأحداث کقوة لها دور إلا في ثورة 1919؟! أي بعد حوالي قرن وربع من الزمان؟ وهل ثمة امرأة من نسوة تلک الحقبة برزت على مسرح الأحداث وکان لها تأثير وحضور لافت کما حدث في ثورة 1919؟