إن الظروف الراهنة في ليبيا الحبيبة أعادت في ذهني وذاکرتي تلک الدعوة الإصلاحية التي وجدت على أرض ليبيا الحبيبة منذ ما يقرب من مائتي سنة حيث تشابهت الظروف الميدانية إلى حد کبير فما کان من أحد أبناء المغرب العربي العظام إلا أن وهب نفسه لخدمة وطنه وأهله بهمة عالية مسترخصاً الغالي والنفيس في سبيل إصلاح العباد والبلاد. إصلاح العباد بأن أخذ على عاتقه العودة بهم إلى طريق الله المستقيم المتمثل في کتاب الله وسنة رسوله فـأخذ يدعوهم ويربي الدعاة والمصلحين کي يقوموا معه بهذه المهمة، وهو وإن کان قد اتخذ طريق التصوف سلوکاً لبلوغ هذه المهمة وهذا الهدف إلا أنه نجح في ذلک أيما نجاح. کما أراد إصلاح البلاد بالعودة ببلاده إلى حالة الأمن والاستقرار السياسي وتخليصها من کافة القوى الأجنبية التي أخذت على عاتقها نهب البلاد من خيراتها وإشاعة الفساد بين أبنائها واتخذ طريق الجهاد الإسلامي لمحاربة المستعمرين وتخليص البلاد من الفاسدين الذين يستعملهم المستعمر کطابور خامس لخدمة أهدافه الاستعمارية ونجح من ذلک أيما نجاح. أردت أن أذکر أخواننا في ليبيا بشيء من ماضيهم المشرق الذي تمثل في الدعوة السنوسية. فألقيت الضوء عليها لعلهم باعتزازهم بأجدادهم وافتخارهم بهم يتلمسون طريقهم ويسيرون على نهجهم في العودة بالعباد إلى رب العباد والتمسک بما أرشدنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم حينما قال: (ترکت فيکم ما إن تمسکتم به لن تضلوا بعدي أبداً کتاب الله وسنتي) والعودة بالبلاد أيضاً إلى سابق عهدها الآمن المستقر المزدهر بفضل الله ثم بفضل أبناء البلد الشرفاء المخلصين.