إن المتون العلمية في کل التخصصات من النعم العظمى على الأمة الإسلامية، لأنها حفظت لهم کليات العلم، ومسائله، وسهلت عليهم معرفة العلوم في أقل فترة زمنية، وذلک من خلال حفظهم لها، ومن ثم صدقت المقولة التي تقول: من حفظ المتون حاز الفنون، وتلک المتون العلمية تفترق عن الشعر في أنها تخلو من الخيال والعاطفة، والتصوير البياني، والأخيلة، کما أنها علمية بحتة، ولذلک تسمى نظماً، أو شعراً تعليمياً. ومن المنظومات العلمية عظيمة الشأن، کثيرة الفائدة منظومة العلامة المحدث الکبير الحافظ زين الدين العراقي ـ رحمه الله ـ وقد أودع فيها ما ذکره العلامة ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ في مقدمته حول ما يتعلق بالحديث الشريف من أنواع الحديث. وقام بعد ذلک بشرحٍ وافٍ لتلک المنظومة القيمة، وقد أطلق على شرحه اسم : "الشرح الکبير"، وقد اختلف العلماء حول تسمية هذا الشرح، وهذا يعکس مدى اهتمامهم به، وحرصهم على بيان مضامينه لطلبة العلم. وقد أحببت أن يکون لي مع هذا النظم، وشرحه اتصال، وقرب أجلي من خلاله ما يتيسر لي تجليته من بيان منهجه في المنظومة، وتأثر أهل العلم بها، ومنهجه في شرحه، وغير ذلک، وقد أقمت بحثي على مقدمةٍ، وتمهيدٍ، ومبحثين، وخاتمةٍ، وفهرس للمحتويات. تحدثت في المقمة عن الموضوع، وأهميته، وخطته التي أقيم عليها، واشتمل التمهيد على نبذة موجزة عن الحافظ العراقي. والمبحث الأول بعنوان : منظومة الحافظ العراقي، ومنهجه فيها والمبحث الثاني بعنوان : شرح الحافظ العراقي لمنظومته، ومنهجه فيه وجاءت الخاتمة مشتملة على أهم النتائج التي توصلت إليها، وأعقبت ذلک بفهرس للمحتويات.