إن من أبرز المشاريع الإصلاحية التي جعلت الأولية للإصلاح الديني کمدخل منهجي لکافة فروع الإصلاح الأخرى هي حرکتي لوثر وابن عبد الوهاب على الصعيدين الإسلامي والنصراني. حيث اتخذ کل منهما - کما بينا - الرجوع للأصول المتفق عليها منطلقاً، وعمل کل منهما على تصحيح العبادة، وتصحيح العقائد من البدع والمحدثات، وجعل کل منهما ذلک مدخلاً للإصلاح السياسي والحضاري العام، وقد أفرز کل منهما آثارا  ،  وتم توظيفها لخدمة الإصلاح العقدي والمجالات الأخرى . أما في مجال الإصلاح السياسي ، فقد تعامل کل منهما (لوثر وابن عبد الوهاب ) بواقعية کبيرة، وبُعد نظر للواقع الذي يعمل فيه، ولهذا رکز کل منهما على الغايات والأهداف العليا ،وهي إقامة الدين ونشر العقيدة والأمر بالمعروف والنهي عن المنکر والعدل والتحاکم إلى النصوص. وقد شغل کل منهما نفسه بالبحث عن طريقة النهوض بالأمم ، ورأى کل منهما أن مدخل هذه النهضة يتم من خلال الإصلاح الديني، لأن التخلف الحاصل في الأمم جاء بسبب ترسب مفاهيم دينية خاطئة، ولا يتم الخروج منه إلا بحرکة إصلاحية .  وهما يتذرعان بالإصلاح الديني للوصول لغاية الإصلاح المطلوب . وأنه المقدمة للعمل السياسي وغيره .  وقد فطن کل من لوثر وابن عبد الوهاب إلى أن إصلاح المجتمعات يبدأ بإصلاح المجال الديني ، وأنه يحتاج إلى جملة سياسات ومقاربات متکاملة يتداخل فيها المعرفي والثقافي والتعليمي والاجتماعي، وليس محضُ إصلاح إلا للخطابات الدينية فقط . وجاء هذا الفصل للإجابة عن سؤال: هل لحرکتي الإصلاح اللوثري والوهابي أثر على المجالات الأخرى ؟! . يشتمل على تمهيد ومبحثين. ·        المبحث الأول/ أثر ونتائج حرکة لوثر الإصلاحية على المجتمعات الأوروبية. أولًا / العوامل التي أدت إلى انتشار اللوثرية. ثانيًا / أثر اللوثرية على حرکتي (کالفن -زونجلي). ثانيًا/نشأة مذهب «البروتستانت». رابعًا / أثر حرکة لوثر الإصلاحية على شتى المجالات. ·        المبحث الثاني/ أثر ونتائج حرکة ابن عبد الوهاب على العالم الإسلامية أولًا / العوامل التي أدت إلى انتشار حرکة ابن عبد الوهاب: ثانيًا / انتشار حرکة ابن عبد الوهاب داخل وخارج الجزيرة العربية. -         انتشارها في الجزيرة العربية. -         انتشارها في أفريقيا. -         انتشارها في الهند. ثالثًا /أثر حرکة ابن عبد الوهاب الإصلاحية على شتى المجالات.