مما لا شک فيه أن تشکيل المشرق العربي من خلال نشأة الدول العربية فيها في العصر الحديث قد ارتبطت بشکل وثيق بسقوط الدولة العثمانية، والظروف التي خلقها وقوع المشرق العربي تحت هيمنة القوى الاستعمارية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى. وشهدت فترة النصف الأول من القرن العشرين الميلادي بروز الحرکات الثورية في المنطقة، والتي کان لها دورا مساهما في التأسيس والتکوين لعدد من الدول العربية في المشرق العربي (العراق والشام ومصر)، خاصة وأن أغلب التوجهات السياسية آنذاک کانت تتجه نحو النظم الملکية، قبل أن تأتي الظروف المغايرة التي سمحت للنظم الجمهورية في الظهور بعد ذلک, لذا کان لابد من دراسة طبيعة وماهية التيارات والحرکات التحررية التي نشطت في تلک الفترة. وينحصر اتجاه البحث في دراسة مساهماتها التي عکست ظروف الواقع العربي, نظراً لما في ذلک من قيمة تاريخية.