تقاس اللغات في العالم بتواريخ نشأتها وامتدادها المتجذر في الزمن، هذا الامتداد الذي يمنحها الأصالة والعراقة على خريطة اللغات العالمية. وإذا کانت اللغات الحية القديمة کالفارسية لها تاريخ ممتد من النشأة والتطور حتى نضجت وأصبحت لغةً تحمل بين طياتها ملامح دقيقة للتاريخ الفارسي والحِکم والآداب الساسانية القديمة ، فإن العربية قد فاقتها من حيث العمر المتجذر في التاريخ الإنساني الذي يحصى بآلاف السنين منذ عهد إسماعيل عليه السلام  الذي روت الوثائق " أنه أول من نطق العربية" ، وقبل الإسلام مرَّت العربية بأطوار مفصليـَّـة تطورَّت خلالها حتى نضجت واستقرَّت قبيل ظهور الإسلام ، وقد کانت أهم مظاهر هذه الأطوار هي اللهجات العربية" التي ميزَّت بعض القبائل العربية المنتشرة على سواحل شبه الجزيرة العربية وأوساطها، غير أن للأسواق العربية التى حرص العرب على التوافد عليها وإقامتها في مواسم معينة وأماکن محددة حول مکَّة في موسم الحج کانت لها الدور الأکبر في عملية الصَّهر اللغوي.