إن موضوع البدعة من الموضوعات التي تناولها العلماء قديما وحديثا ، وتباينت الآراء والأقوال حول تحديد مفهوم البدعة  بين متوسع في تعريفها وآخر مضيق في تحديد نطاقها ، والمتصفح لکتب العلماء قديما وحديثا يجد أن هناک تنوع في الرؤى حول موضوع البدعة والحديث عنها ، فهذا الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ ومن سار على نهجه يرى تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وأخرى سيئة ، بينما يرى الإمام مالک ـ رحمه الله ـ  ومن سار على نهجه أن البدعة سيئة بإطلاق ، وهذا ما سنراه في ثنايا هذا البحث إن شاء الله تعالى .  هذا الاختلاف حول تحديد مفهوم البدعة جعل الکثير من عامة المسلمين يعيشون في حيرة من أمرهم ، فهم بين متشدد يرى أن کل أمر أستحدث بعد عصر النبي r وعصر الصحابة بدعة يجب القضاء عليها ؛ بل وصل الأمر ببعض هؤلاء أن يتهجم على بعض العلماء ويتهمونهم بالغفلة وعدم الحيطة والحذر ، وفريق يرى انقسام البدعة إلى حسنة وسيئة ، بل زاد بعض أصحاب هذا الرأي تقسيم البدعة حسب الأحکام الشرعية الخمسة بين بدعة واجبة ومحرمة ومندوبة ومکروه ومباحة ، مما جعل بعض محبي البدعة ومروجيها ممن يلتبس عليهم الأمر يتخذون هذا التقسيم لتبرير أفعالهم المخالفة لقواعد الشرع والدين .           من هنا جاءت أهمية الحديث عن البدعة وبيان حدها وضوابطها وبيان الآثار المترتبة عليها ، وکان موضوع [ البدعة " مفهومها وبيانها وأثرها " ]له أهمية بالغة ، خاصة في هذه الأيام التي نعيشها ، وذلک بسبب انتشار الکثير من البدع في المجتمعات الإسلامية ، بالإضافة إلى غياب التعريف الدقيق للبدعة ؛ مما جعل البعض يتشدد في بيان حدها وتعريفها .