الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - r- وبعد: فإن التاريخ لا يعرف لغة ارتبطت بکتابها المقدس مثل ارتباط اللغة العربية بالقرآن الکريم، فالقرآن الکريم وقراءاته الأوثق في الدراسات اللغوية والنحوية؛ لأنه داخل في الأصل الأول من أصول النحو وهو السماع، لکنه يتميز عن السماع بأنه سماع لا مطعن فيه من ناحية روايته وثبوته.  ومن هنا فهو في المرتبة الأولى من السماع، وکلما کان الدرس اللغوي والنحوي متعلقًا بکتاب الله ممتد الجذور في أعماق القرآن الکريم کان أعلقَ بالقرائح، وأخلدَ في الأفهام، ومن ثـَمَّ فإن علم النحو قد نشأ في رحاب القرآن الکريم وقراءاته، وقد کانت القراءات القرآنية من أعظم مصادر الاستشهاد النحوي؛ لأنها تمثل نموذجاً فريداً لا يصل إليه أيُّ مصدر آخر في حَيْطةِ توثيقه، فقد سخر الله لهذه القراءات رجالا بذلوا أموالهم وأعمارهم خدمة لهذا الکتاب العزيز, نقلوا إلينا هذه القراءات ولم يتساهلوا في هذا النقل فلم ينقلوا إلينا قراءة إلا إذا تيقنوا من ثبوتها وتواترها ونسبتها إلى رسول اللهr- - فالحروف التي يُقرأ بها کلُّها صحيحةٌ وثابتة ومتواترة ومسندة إلى النبيr.