تُلقي التکنولوجيا الحديثة وما وصلت إليه من تقدّم کبير في عصرنا الحاضر بظلالها على کل شيء بما في ذلک الأدب ونظرياته النقدية. لقد تمظهرت التکنولوجيا ومخرجاتها في النصوص الأدبية شعرًا ونثرا مُسجّلة حضور العالم الرقمي في الإنتاج الأدبي. وفي مرحلة متطورة نشهدها اليوم اعتمدت النصوص الأدبية على التکنولوجيا الرقمية على نحو مُلفت؛ فأصبحت تُکتب وتُبنى بواسطة برمجيّات لا تسمح بإنتاجها وتلقّيها، على حد سواء، إلا عبر شاشة الکمبيوتر الزرقاء. يتوسّل هذا البحث بنظرية القراءة لرصد أثر التکنولوجيا الحديثة في تحوّل القصيدة العربية من نص يعتمد على الاستماع والشفاهية إلى نص بصري يعتمد في تلقيه على المُشاهَدة والتأمُّل. تأتي أهمية هذا الموضوع من اهتمام المدونتين الشعرية والنقدية به -اليوم- في العالمين الغربي والعربي. وسيتناول البحث الإنتاج الشعري السعودي المعاصر الذي أنُجز منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين إلى اليوم. حيث ترصد هذه الفترة الزمنية ما يُمکن تسميته مرحلة النسيج الشعر-تکنولوجي التي أفادت فيها القصيدة من تقنيات التکنولوجيا الحديثة في عملية کتابتها وطريقة رصفها على الورق على نحو طال مفهوم وثوابت الشعر التقليدي الذي ترسّخ في الذائقة العربية واستقرّ فيها بفعل التراکم الزمني. وتشمل الدراسة مقدمة وثلاثة مطالب، جاءت على النحو التالي: 1-               المطلب الأول: في نظرية التلقي والتأويل. 2-               المطلب الثاني: تحوّل القصيدة من جوّ الاستماع إلى جوّ القراءة والمُشاهَدة. 3-               المطلب الثالث: أثر التکنولوجيا الرقمية في تحويل القصيدة إلى نص بصري: تطبيق على نماذج من الشعر السعودي المعاصر.