الاعتراض أسلوب فريد من أساليب اللغة العربية، يُبدي ظاهره أنه خرق للکلام الأصلي، وإقحام ما ليس منه فيه، إلا أن المتأمل لحقيقته يتيقن بعدم صحة ذلک، حيث إن ظهوره قبل تمام الکلام الأصلي يوحي بنوع من قطع الکلام، وفصل متصله، وکسر نظامه، غير أن ذلک لا يکون إلا لغرض، فالاعتراض دوما له دور دلالي متصل بالکلام الذي يقع فيه، يشفع دوره هذا في ظهوره متوسطا بين متصلين – في الغالب-، بل إنه يکسو هذا الظهور حسنا وتميزا.            ويقصد بالاعتراض في تناولنا هنا کل ما هو زائد عن أصل الکلام المقصود المراد تأديته من قبل المرسِل، ولا يکون ذلک إلا لغرض مثل التأکيد، أو التوضيح، أو دفع إيهام غير المقصود، فمتى صدق ذلک على أي قول حکمنا بأنه اعتراض.        وقد تحدد الخطاب النبوي الشريف مجالا لاستجلاء صورة الاعتراض ووظيفته فيه؛ جمعا بين حسنيين، تناول هذا الأسلوب الفريد من أساليب اللغة في أفصح نص عربي نطقه بشري، وباستنطاق هذا الأسلوب في خطاب النبي (r) تدليل على المراد منه، وتجلية لصوره ووظائفه في اللغة، وسحب لأحکامه التي تضبطه. وتحددت معطيات المنهج الوظيفي لتحقيق مبتغى البحث وغايته.        وعليه تحدد عنوان البحث:بـــ (الاعتراض في الخطاب النبوي مقاربة وظيفية). وقد اقتضى ذلک العنوان مجيء البحث في مبحثين، يخصص أحدهما للتأطير النظري، والعناية بالأفکار التي يتخذها أساسا له في التطبيق. أما المبحث الآخر فيُعنى بدور الاعتراض في الخطاب النبوي الشريف. ثم أتبع ذلک بخاتمة بنتائج البحث، وثبت للمصادر والمراجع.