یهتم هذا البحث بدراسة العلاقة الحمیمة بین خمریات أبی نواس وابن الفارض باعتبار ان کلیهما یمرران من خلال الخمر أنساقا مختالة ومعان خفیفة.إن توظیف النقد الثقافی المبنی علی فکرة إخراج النص من صفته الأدبیة إلی صفة أخری ثقافیة لیکشف عن أمرین:أولهما ما کان فی وعی المٶلف والمتلقی وهو النسق الظاهر,وثانیهما ما کان مضمرا لا شعوریا وتلبس بالخطاب نتیجة الفعل الثقافی المضمر.ووجدت الدراسة أن خمریات أبی نواس وإن تباینت عن الخمریات الفارضیة فی مهیة التجربة وحقیقتها,فالاولی تمثل بنیة حسیة متعویة,والاخری روحیة عرفانیة;الا انهما تتاغمتا فی بعض الأنساق الثقافیة التی اخمرها خطاٸهما الشعری-إذ تشارکا فی نسق التمردعلی السلطة المرکزیة والهدم وشرعنه الضد.وقد تموضع هذا النسق فی الثورة علی الموروثات والأطلال,وکذلک السلطة الدینیة ابمتشددة عند أبی نواس.أما ابن الفارض فقد اشترک مع أبی نواس فی قمع السلطة الدینیة المعادلة للتصوف من جهة وزاد علیه فی قمع سلطان العقل الماضی برفض القیوض الروحانیة.اشترکا کذلک نسق التعالی والتفرد,وخلع لباس القداسة علی الذات المخمورة,وقد ظهر هذا النسق مخاتلا حین تعالی أبو نواس علی إبلیس رمز الغوایةوصیره عبدا مٶمرا له,أما ابن الفارض فقد ظهر التفرد والتعالی عنده فی المقام الصوفی ولیس فی الذات فبات یتفاخر بحیازته مقام الفناء فی ذات الله بعد ریاضات ومجاهدات لقد اختزلت خمریات الشاعرین صورا من التناقض,والمفارقات التی عاشها المجتمعان انذاک,وأضمرت جدلیة العلاقة بین أنا الشاعر,والدین المجتمع,وزاد ابن الفارض جدلیة مع العقل.وبعد,فان الخمر کرمز فنی ظاهر فی الخطاب الشعری العربی من القدیم,وحتی المعاصر مشروع قراءة نقدیة عمیقة;لاستقراء الأنساق الثقافیة المضمرة فی الخمریات العربیة,واستکناه المتحولات,والمتناغمات من الأناق فی بواطنها.