سعت هذه الدراسة بمنهجية الاستقراء والتحليل إلى معاينة الدوافع الموضوعية التي حملتْ الخليل بن أحمد على استثناء "المتدارک" من أوزان الشعر العربي، وهو ما رمت إلى تحقيقه على قاعدة البحث في التأصيلات العروضية التي أُقيمت لهذا الوزن، وملاحظة مدى تکيّفها مع المبادئ الأساسية لنظرية الخليل، کما خصصّت الدراسة جزءًا من شغلِها المنهجي لإخضاع هذا الوزن لقوانين الإيقاع، وصولًا إلى تحديد مدى استجابته لمبدأ النسبية والتناسب الذي يُعدّ ذا قيمة جذرية في تشکيل الأوزان. تبعًا لذلک کان ثمة مبحثان لصياغة موضوع الدراسة، الأوّل تحت عنوان "الإيقاع الشعري ومعيار التأصيل للمتدارک" ، وقد نزع إلى الکشف عن الملابسات الإيقاعية التي تکتنف نشوء هذا الوزن، ولعلّ النتيجة الحاسمة التي تم التوصّل إليها في هذا المبحث هي عدم استجابة "المتدارک" للمقتضيات الإيقاعية في تشکيل الأوزان. أمّا المبحث الآخر؛ فجاء تحت عنوان "المتدارک في المجال العروضي"، وقد قام على رصد التکيّف بين مقولات العروضيين المتّصلة بهذا الوزن، ومعايير إثبات الأوزان الشعرية، ولعل أبرز ما أسفر عنه هذا المبحث هو الوصول إلى نتيجة مؤداها عدم وجود اتّساق بين ما أقرّه العروضيون، وما قامت عليه مبادئ النظرية الخليلية.