تحتل الدراسات الطبيعية في الوقت الحاضر جزءاً مهماً من الدراسات التطبيقية لکثير من العلوم الجغرافية، کما أنها تعد من الدراسات التي يمکن أن تستفيد من الاتجاهات الحديثة في ميدان الجغرافيا؛ حيث يستغل فيها التقدم التقني السريع الذي يشهده مجالا الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية ومدخلاتهما من البيانات؛ کنماذج الارتفاعات الرقمية.  ومما لاشک فيه فإن للعامل الطبوغرافي أثراً کبيراً في مجال التخطيط العمراني وبالأخص في مدينة مکة المکرمة التي تعد من أکثر المناطق التي حدد العامل الطبوغرافي مسار العمران بها حيث تتسم بتعقد السطح وبدرجة عالية من التنوع في طبوغرافيتها؛ مما قد يکون له الأثر البالغ في النمو العمراني وأنماطه ماضياً وحاضراَ ومستقبلا، وهو الذي  أدى إلى ظهور فکرة البحث الحالي؛ لأن مدينة مکة المکرمة تفتقر إلى دراسة  متقدمة في تحليل الخصائص الطبوغرافية تحليلاً آلياً يساعد على تحديد أهم تلک الخصائص  المتحکمة في النمو العمراني للمدينة؛ حيث تعد المعلومات الطبوغرافية  من الجوانب الأساسية والضرورية التي يجب مراعاتها عند تخطيط المشاريع المختلفة، إذ يعتمد تخطيط أي مشروع على طبيعة مظاهر السطح، ومکوناتها والعمليات الطبوغرافية التي تتعرض لها تلک المظاهر، وأثر ذلک على العمران. وتهدف الدراسة إلى تحديد العامل الطبوغرافي الذي يتحکم في النمو العمراني لمدينة مکة المکرمة داخل الطريق الدائري الرابع، وتکوين قاعدة بيانات طبوغرافية لمنطقة الدراسة. وقد اعتمدت الدراسة على بيانات متعددة أهمها مرئية إيکونوسIKONOS، وعلى نموذج الارتفاع الرقمي (DEM) لمنطقة الدراسة بدقة تمييز مکانية 10م، تم الحصول عليها من قسم نظم المعلومات الجغرافية التابع لمدينة الملک عبدالعزيز للعلوم والتقنية. کما اعتمدت الدراسة کلياً على توظيف نظم المعلومات الجغرافية والمعالجة الآلية لبيانات الأقمار الصناعية في تحليل ومعالجة البيانات الرقمية لتکوين قاعدة بيانات Data Base صلبة يمکن استخدامها في تحليل العلاقة بين المتغيرات الطبوغرافية والنمو العمراني  في مدينة مکة المکرمة.    وقد توصلت الدراسة إلى نتائج عديدة من أهمها: أن العامل الطبوغرافي أثر بشکل کبير في مسار العمران لمکة المکرمة منذ عهد إبراهيم عليه السلام وحتى الوقت الحاضر، فقد تبين من هذه الدراسة تقطع اللحمة العمرانية بفعل العامل الطبوغرافي،  وخرجت الدراسة بتوصيات کان من أهمها: ينبغي على جهات التخطيط المتعددة ذات الصلة بالنمو العمراني أن يأخذوا العامل الطبوغرافي بعين الاعتبار، لما له من تأثير کبير في النمو العمراني لمدينة مکة المکرمة، الذي اتضح ذلک من خلال هذه الدراسة.