Subjects
-Tags
-Abstract
تشغل الجريمة في عصرنا الراهن بال الکثير من الفلاسفة والمفکرين والعلماء بعد أن تکشف مدى خطورتها، وتفاقمت جسامتها، وزاد انتشارها بين أفراد عديدين من مختلف الجماعات، بحيث لم يخل منها مجتمع بشري منذ بداية حياة الإنسان على وجه الأرض. وهي تتنوع من حيث طبيعتها وأشکالها ونمط حدوثها وتوزيعها، ومن حيث الأساليب المستخدمة فيها، وسبل محاربتها من مکان إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، حسب الظروف والأوضاع البيئية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية المحيطة بذلک المکان.
ولم تقتصر دراسة الجريمة ومحاولة تفسير السلوک الإجرامي ومکافحته على علم الجريمة (Criminology)، بل أسهم العديد من العلوم في دراسة الظاهرة الإجرامية ومحاولة تفسيرها، فما الجريمة إلا محصلة لتضافر العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والمکانية التي أفرزت هذه الظاهرة، وأصبحت دراسات وأبحاث الجريمة مجالاً جذاباً لأعداد متزايدة من الباحثين والمهتمين المنتسبين إلى تخصصات علمية مختلفة، کعلم الاجتماع وعلم النفس والتربية والقانون والجغرافيا وغيرها، کلٌّ ينظر إلى الجريمة بمنظار مختلف عن الآخر، فالجغرافيا مثلاً تهتم بمعالجة الجريمة من خلال الجوانب المکانية أکثر من العلوم الأخرى، لأن المکان هو محور کل دراسة جغرافية.
ولا يقتصر الأمر على التوزيع المکاني فحسب، بل يتعداه إلى التعرف على القوى الکامنة وراء ذلک التوزيع، وعلاقات تلک القوى بالمکان ومعطياته، وعلاقات تلک القوى بعضها ببعض أيضاً، هذا بالإضافة إلى بعدين آخرين لدراسة الظاهرة الموزعة هما: تأثير تلک الظاهرة في المکان من جهة، واتجاهاتها المستقبلية من جهة أخرى. ومن هنا ظهرت إسهامات جغرافية الجريمة أحد فروع الجغرافيا البشرية في هذا المجال، ونمت وتطورت حتى أصبح لها العديد من النظريات والمفاهيم التي تفسر الجريمة.
وللدراسات والأبحاث الجغرافية في مجال الجريمة دور فعال في وصف أنماط الجريمة وتوزيعها، من خلال الفهم الشامل لأبعادها، والعوامل المؤثرة فيها، وانعکاساتها على البيئة الحضارية، وتفسيرها بالاستعانة بالتخصصات والعلوم الأخرى، مما يسهم في معالجة الظاهرة الإجرامية، ليس في المجال الأمني فحسب؛ وإنما في مجال التخطيط الحضري، واستخدامات الأرض، وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
فقد توصلت العديد من الدراسات إلى وجود علاقة طردية بين الأقاليم الحضرية المکتظة بالسکان والإجرام، وذلک لضعف تجانسهم, وقد يترتب على هذه الأوضاع تميز في شکل الجريمة ومضمونها، ولا سيما إن کان الإقليم الحضري مدينة رئيسة أو مهيمنة، أي بؤرة لترکز الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يعجل من نمو المدينة أفقياً ورأسياً مع ما يصاحبه من حدة في التباين بين سکانها، ومن ثم يتحول هذا الإقليم إلى قطب جاذب للوافدين من داخل البلاد وخارجها. ومن الملاحظ أن نشأة مثل هذا النوع من المدن لا يستغرق وقتاً طويلاً، نتيجة للهجرة بمعدلات کبيرة لتصبح مسرحاً لکثير من الجرائم المتنوعة التي هي في الحقيقة انعکاس صادق للتغيرات التي تحدث في الإقليم الحضري تحت تأثير التحضر.
DOI
10.21608/egjec.2017.94466
Keywords
التباين المکاني, جغرافية الجريمة, خصائص السکان, مدينة الرياض, السعودية
Link
https://egjec.journals.ekb.eg/article_94466.html
Detail API
https://egjec.journals.ekb.eg/service?article_code=94466
Publication Title
المجلة المصرية للتغير البيئي
Publication Link
https://egjec.journals.ekb.eg/
MainTitle
التباين المکاني للحوادث الجنائية في مدينة الرياض وعلاقتها بالخصائص السکانية