بعد عصر النهضة العلمية العامة والجغرافية الخاصة للعرب بين القرنين التاسع والثالث عشر تدهورالفکر الجغرافي العربي ، وبعد تخلصه من الفترة الاستعمارية يعود مع بداية عصر الجغرافية العلميةليشارک العالم في تطوير المعرفة الجغرافية وعمليات البحث العلمي. ومشارکته ليست فقط على محور المنهجيات الجغرافية بل وفي العمل الدائم على تطوير دراسات جغرافية على قدر کبير من الأهمية لکشف المکونات الطبيعية والبشرية والاقتصادية الجغرافية للأراضي العربية ذات الامتداد الواسع.ويلاحظ من خلال المؤلفات الفکرية المنشورة بأنها تتميزبغياب الفکر الابداعي وقيام معظم المهتمين بنقل معارف الفلسفة الجغرافية بواسطة الترجمة التي إتصفت في عدد من المنشورات بکونها حرفية وبالتالي اتسمت بالغموض وصعوبة الفهم، کما أن المراجع الفکرية هذه لم تحاول ترجمة أو شرح المقاصد بحيث تتمکن من تطوير فکر جغرافي علمي محکم،مساندللمعارف الفکرية العالمية الجغرافية. وهکذا وبالرغم من تدريس مادة الفکر في المستويات الجامعية المختلفة فان هذا الأمر لم يؤدي الى بلورة فکر علمي مستقل يسمح للناشئة فهم الأسس الفکرية لعلم الجغرافيا،وبناء أعمدة فکرية خاصة بکل جغرافي لمساعدته في أداء مهمته حسب أهداف الجغرافيا المنبثقة من فکره الجغرافي الأصيل والمطور.
ونعتقد بأن الأخطاء الفکرية الناتجة عن المنهج القياسي غير الابداعي للفکر خاصة في المنطقة العربية ناتجة عن عدم الاهتمام بالقاعدة النظرية، مما نتج عنه التباس فکري في فهم حقل الدراسة الجغرافية وماهية العمل الجغرافي وأهدافة. ويعتمد هذا البحث على استخلاص وتحليل النتائج من خلال المؤلفات الفکرية العربية ومن خلال المسح الميداني لرصد التعريف الأنسب للجغرافيا الذي تم القيام به بواسطة الاستبيان أو المقابلة أو بوسائل الاتصال المختلفة لمختلف المتخصصين في العلوم الجغرافية من حملة الدکتوراه. ويکمن الهدف من خلال هذا العمل تقديم رؤية تحاول تصويب الفکر على ضؤالتجارب الطويلة التي استطعنا استيعابها وتطويرها طيلة حياة مهنية متکاملة من العمل الجامعي.