شهد الاقتصاد المصري تطورًا غير مستقر لمعدلات التضخم السنوية على مدى العقود الأربعة الماضية. في أوائل السبعينيات كان معدل التضخم عند مستوى منخفض، ثم انتقل إلى مستوى معتدل بعد صدمة أسعار النفط الأولى حتى منتصف الثمانينيات. ثم أخذ التضخم مسارًا أسرع وبلغ متوسطه حوالي 19% سنويًا خلال النصف الثاني من الثمانينيات وأوائل التسعينيات. بعد التنفيذ الناجح لبرنامج الاستقرار مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي خلال الفترة 1992-1997، انخفض التضخم إلى بحوالي 4%.
وبعد التخلي عن استخدام سعر الصرف الأجنبي الثابت وعدة تخفيضات في أوائل الألفية الجديدة، ارتفع معدل التضخم مرة أخرى إلى حوالي 11%. في عام 2005، أعلن البنك المركزي المصري نيته في تنفيذ سياسة استهداف التضخم الكامل بمجرد استيفاء المتطلبات الأساسية.
في أعقاب الثورة في عام 2011، ارتفع التضخم مرة أخرى تدريجيًا. في نوفمبر 2016، توصلت الحكومة المصرية إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بموجبه حصلت على 12 مليار دولار من تسهيلات الصندوق على مدى السنوات الثلاث المقبلة. يتضمن هذا البرنامج سياسة نقدية وسياسة مالية شديدة التقييد لخفض عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ووضع الدين المحلي على مسار مستدام. أدت التدابير الحاسمة التي وصفها موظفو صندوق النقد الدولي مثل تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، واستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار الطاقة وخفض الدعم الحكومي للأغذية والمرافق الأساسية، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم في مصر إلى مستوى غير مسبوق تجاوز 30% في الربع الأخير من عام 2016.
الغرض من هذه الدراسة هو اختبار متوسط ارتداد لمعدل التضخم في مصر على مدى العقود الخمسة الماضية باستخدام اختبارات السكون التي تأخذ في الاعتبار وجود صدمات هيكلية متعددة. بناءً على نتائج التحقيق في عودة المتوسط، ستحلل الدراسة آثار ذلك على سياسة استهداف التضخم التي اقترحها البنك المركزي المصري في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة.
لتحسين أداء سياسة استهداف التضخم فيما يتعلق بدقة توقعات التضخم، ستقوم الدراسة بتقدير نموذج غير خطي لمحاولة التقاط ديناميكيات معدل التضخم في مصر باستخدام بيانات شهرية خلال الفترة 1974:M1-2016:M12. تظهر بيانات التضخم الشهرية في مصر تقلبًا واضحًا مقارنةً بالبيانات السنوية؛ ويمكن تفسير هذا النوع من عدم الاستقرار بشكل أفضل باستخدام نماذج التباين المشروط المتغير مع الوقت. قد تكون النماذج غير الخطية مثل نموذج الانحدار الذاتي للانتقال السلس (STAR) الذي يسمح بتغيير النظام مناسبة لتفسير هذا السلوك.