تواجه مؤسسات التعليم العالي والجامعي المعاصرة مجموعة من التحديات المالية وغير المالية على السواء، وتتفاقم هذه التحديات بسبب حالة عدم اليقين الکبيرة، وتراکم الاحتياجات المالية والأکاديمية المتجددة، خاصة مع تراجع التمويل الحکومي، وضعف المناخ الاقتصادي، مما يجعل توفير الموارد المالية واستحداث مصادر جديدة للدخل على مستوى المؤسسة الجامعية أصعب مما کان عليه سابقاً؛ الأمر الذي يفرض عليها تطوير هيکلها وبنيتها، وصياغة استراتيجيات تضمن لها الاستقرار المالي واستدامته على المدى الطويل، بما يمکنها من تحقيق وظائفها وأهدافها المنوطة بها. وعلى صعيد الجامعات المصرية تحديداً، نجدها شأن غالبية الجامعات العربية، ما زالت تعتمد على التمويل الحکومي الذي أصبح لا يکفي تلبية احتياجاتها أو تحقيق أهدافها بکفاءة وفعالية. ومن ثم فهي مطالبة بتطوير ممارساتها، والاستثمار في بنيتها التحتية بما يدعم قدرتها الإنتاجية، ويدر عليها دخلاً مستمراً يحقق لها استدامة مالية، تمکنها من تحقيق طموحاتها وتطلعاتها المستقبلية. من هذا المنطلق استهدف البحث الحالي، وباستخدام المنهج الوصفي، مراجعة الأدب النظري للاستدامة المالية، فضلا عن رصد وتحليل تجارب وممارسات بعض الجامعات الأجنبية في هذا السياق، إضافة إلى تعرف وضع الاستدامة المالية بالجامعات المصرية. وانتهى البحث بتقديم تصور مقترح لتحقيق الاستدامة المالية بالجامعات المصرية، يرتکز على ثلاثة أبعادٍ رئيسة هي: (التطويري، الترشيدي، الاستثماري)، يتضمن کل منها مجموعة من العناصر والآليات الإجرائية اللازمة لتنفيذه. کما قدم البحث مجموعة من الضمانات والمتطلبات الضرورية لنجاح تطبيق هذا التصور على رأسها إنشاء "وحدة الاستدامة المالية" في کل جامعة، تتولى مسؤولية تخطيط وتنفيذ ومتابعة الاستدامة المالية ونشر ثقافتها.