لمَّا کان الهدف الأساسي من التعليم ــ منذ مئات السنين ــ هو إعداد مهنيين على قدر من الجودة والمسئولية، وضمان نقل المعارف والمهارات والقيم من جيل إلى آخر، ولمّا کان المعلم هو محور العملية التعليمية على مدار نفس تلک الفترة؛ فإن نظم التعليم وبرامج إعداد المعلم وتنميته مهنيًّا لم تتغير کثيرًا، بيد أن العصر الرقمي تمخض عنه نموذج مختلف من التعليم، وأفرز ذلک التعلم الرقمي الذي يحتاج فيه المعلمون والطلاب إلى أدوار وجدارات جديدة، من أجل التکيف مع ذلک العالم؛ لذلک، هدف البحث الحالي إلي التوصل إلى إطار مقترح للجدارات الرقمية المهنية للمعلمين في مصر ودمجه في برامج الإعداد وفي برامج التنمية المهنية، باعتبار الجدارة الرقمية جزءًا لا يتجزأ من الممارسة المهنية للمعلمين، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، تم تحليل الأُطر العالمية للجدارات الرقمية المهنية للمعلمين لا سيما إطار اليونسکو وإطار المفوضية الأوروبية، واستخدم البحث مدخل الحلول الکبرى لجورج بيريداي G. Beredy أحد مداخل المنهج المقارن، لوصف إطار الجدارات الرقمية المهنية للمعلمين في ثلاث دول من دول الاتحاد الأوروبي: النرويج، وإسبانيا، وجمهورية أيرلندا، وذلک في ضوء السياق الثقافي والمجتمعي لکل دولة، وکيفية دمج تلک الجدارات في السياسة التعليمية، وفي برامج إعداد للمعلمين، وفي برامج التنمية المهنية لکل دولة، واستخلاص أوجه الشبه والاختلاف بين کل دولة وتفسيرها في ضوء بعض مفاهيم العلوم الاجتماعية ذات الصلة، من أجل التحقق من صحة فرض الدراسة والوصول إلى النتائج والتعميمات التي يمکن الاستفادة منها في بناء إطار وطني لتلک الجدارات يُسهم في تطوير برامج الإعداد وبرامج التنمية المهنية للمعلمين، حيث تم عرض الجدارات التي تم التوصل إليها على مجموعة من خبراء التربية بلغ عددهم (42) لتحديد مستوى الاتفاق عليه، ومدى مناسبته لسياق التعليم في المجتمع المصري، واشتمل على (6) مجالات للجدارات الرقمية المهنية للمعلمين: محو الأمية الرقمية، وإنتاج المواد التعليمية الرقمية، والاتصال الإداري الرقمي، والمشارکة المهنية الرقمية، وإدارة بيئات التعلم الافتراضية، والمواطنة الرقمية. وانتهى البحث بمجموعة من الإجراءات المقترحة تم صياغتها في إطار وطني مقترح للجدارات الرقمية المهنية للمعلمين في مصر.