تعد العلاقة بين التدريس والبحث العلمي من أهم الثنائيات التي تناولتها البحوث والدراسات التربوية، أو بقول آخر ربط التدريس بالمدارس؛ وذلک باعتبارها الوحدة الأولى والأساس في تطبيق النظم المعرفية بالبحث العلمي في الجامعات وخاصةً کليات التربية؛ باعتبارها المؤسسات المنوط بها تعليم المعلمين وتدريبهم. وتمثل البحوث التعاونية Collaborative Researches التي يقوم بها المعلمون جنبًا إلى جنب مع الباحثين بالجامعة نمطًا من العلاقات المستمرة التي اکتسبت مکانتها في الفکر التربوي؛ حيث تمکن هذه العلاقات من: توليد فهم متعمق لظروف حجرات الدراسة وأوضاعها، وتسليط الضوء على الممارسات الأکثر تأثيرًا وحسمًا لنجاح جهود المعلمين في دعم طلابهم ذوي الخلفيات الثقافية واللغوية المتنوعة. وتحرص الجامعات – باعتبارها الأماکن الرئيسية للبحث - على مثل هذا النوع من العلاقات والبحوث بالتعاون مع المؤسسات الأخرى بشکل عام، ومؤسسات التعليم على وجه الخصوص، نظرًا لما تشهده الجامعات من تحول في نمط الإنتاج المعرفي بها، والناتج عن تغيرات ما بعد الحداثة. وتعکس روابط الشراکة بين المدارس والجامعات ممثلة في البحوث التعاونية بين المعلمين والباحثين التقاطعات أو نقاط الالتقاء بين البحث والممارسة، والأطر النظرية وتطبيقاتها الإجرائية، وتعبر کذلک عن الاتجاه في البحوث والدراسات التربوية نحو تبني إيجاد حلول للمشکلات التربوية القائمة على السياق وتفسيرها، وتحليلها؛ مما يعني تخلي البحوث التربوية عن تجردها، وابتعادها عن واقع مشکلات الممارسات التعليمية والتربوية في المدارس، وفي الوقت نفسه اقتراب المعلمين من التعبير عن مشکلاتهم التعليمية بطريقة أکثر علمية. وتهتم مؤسسات تربية المعلم في هولندا بتقديم المناهج التي يستطيع من خلالها الطالب المعلم اکتساب مهارات إجراء البحوث، واستخدام نتائج البحوث الأخرى. ومؤخرًا ظهرت العديد من الکتيبات الهولندية حول بحوث المعلم، والتي ترکز بشکل أساسي على تحسين المهارات البحثية للطلاب، وزيادة دافعيتهم وتوجهاتهم نحو إجراء البحوث، واستخدامها في الممارسة. کما تقدم هولندا من خلال مدارس التنمية المهنية بيئات مساندة للمعلمين الباحثين، لتوفير بيئات للتعلم تسمح بالدمج بين النظرية والتطبيق في سياق منظم لدعم الطلاب والمعلمين، وکذلک تمکين المعلمين ذوي الخبرة من تجديد نموهم المهني. وفي الصين، ثمة اتجاه متنامي لتحسين التعليم والتعلم في المدارس، من خلال اشتراک المعلمين في إجراء الأبحاث في حجراتهم الدراسية؛ حيث يتم تشجيعهم لتبني مبادراتهم الخاصة بهم في إعادة التفکير حول ممارساتهم التدريسية، وطلابهم، وقيم العمل الخاصة بهم؛ مما يعزز من استقلاليتهم من ناحية، وتحسين المناهج من ناحية أخرى. ويستخدم مصطلح المعلم الباحث في الصين کمظلة مفاهيمية لوصف مدى واسع من الأنشطة والممارسات لتحقيق التعلم المهني للمعلمين، وتعزيز الاستقصاء والتفکير وحل المشکلات، مما ينتج عنه فهم المعلمين لأنفسهم بشکل أفضل، واتخاذ قرارات وخيارات سلوکية أکثر فعالية نتيجة مشارکتهم في إجراء البحوث.